المعلم في المغرب.. بين التبجيل التقليدي والإهانة المتزايدة وأجيال تنتظر من يُنير لها الطريق
إصلاحات تحمل كل شئ إلا الإصلاح، نخب سياسية تتعاقب على منظومة تعلمية تفتقد لأساس تربوي، نخب تختار لأبنائها أفضل المدارس التعليمية، لتتسع الهوة بين تلميذ يدرس بالراشيدية، وبين تلميذ يدرس بأكبر مدارس البعثات الأجنبية بالمغرب، تداخل سياسي في الزمن المدرسي، فقدان بوصلة تعليمية هادفة وخطة تواكب التطورات الحديثة.
اختلالات في المنظومة التعليمية تتسع أسبابها، وتصدمنا بها تقارير أجنبية بأرقام تجعل المغرب يتذيل أسفل القائمة، والسبب ربما ابتعدنا عن ثقافة القراءة رياضة فكرية تبدأ من تعامل الفكر مع الحرف في الكلمة يوقظ الإحساس بالمعرفة في بداياتها الأولى، كلنا أو بعضنا على الأقل يذكرأول نشيد نشدناه في باحة المدرسة كل منا يذكر كيف شكل جملة بالحرف بالكلمة وختمها بالعبرة.
هناك ثقة مفقودة بين مغاربة ومدرستهم ، تتسعه هوتها بفقدان قيم تنبأ لها عبد الله العروي والمهدي المنجرة، تتعلق بالتربية، ماذا نقول لتلميذ يشاهده أستاذه أو أستاذته تتعرض للضرب ويحتفل به بعد الإفراج عنه، ماذا نقول لأستاذ فقد هيبته داخل أسوار مدرسة تبدأ منها صناعة أجيال وأجيال.
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
لو علم أحمد شوقي مابات يتعرض له المعلم من إهانة لما نظم بيتا ولا كتب شعرا.
لم نعد نهتم بالقراءة ولا المبادئ والقيم التي نكتسبها من القراءة، مثقفون و هاربون عن واقعهم إلى الأزمنة الغابرة والقصص الواهمة والحكايات الكاذبة. أصبح يُنظر إليهم بنظرة وكأنهم يختلفوا على من حولهم، أو أنهم يرتكبون عمل شنيع مُنافي للطبيعة الإنسانيّة، ونسوا أنه أول ما نُزّل على نبيّ الإسلام الذي جاء من باديتهم القديمة في الجزيرة العربيّة عند الصحراء الخاوية، أمرٌ رباني بكلمة جامعة وجيزة كانت بداية لخير الأديان ألا وهي “اقْرَأْ”.
ماذا نقول لأسرة التعليم التي جردناها من حقها في فضاء تربوي يصب في خدمة التلميذ وأستاذه، وماذا نقول للوزير الذي تقع على عاتقه مهمة النهوض بمنظومة التعليم ليس عن طريق مدارس ريادة أو إحصائيات وأرقام على الورق، وماذا نقول لأب وأم في المنزل أقصى حلمهم هو وظيفة أو عمل قار لأبنائهم. ماذا نقول ؟