بينما كان عمر، المواطن الخمسيني، يحاول لملمة جراحه بعد فاجعة زلزال الحوز الذي أودى بحياة 52 فرداً من عائلته وعائلة زوجته، وجد نفسه في مواجهة معركة أخرى لا تقل ضراوة، معركة من أجل حقه في السكن والدعم المخصص لضحايا الزلزال، بعد أن وجد نفسه ضحية “تلاعبات” من طرف فقيه الدوار، وفقاً لروايته.
عمر، الذي يقطن بمنزله الكائن بدوار تابع لجماعة تزين بالقيادة، وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه بعد الزلزال. فبينما كانت زوجته تخضع لعملية جراحية، كان هو في حيرة من أمره: هل يذهب لمؤازرة زوجته في المستشفى أم ينتشل جثث أقاربه من تحت الأنقاض، أم يلتزم بمسؤوليته كحارس ليلي لدى أحد الأشخاص بجماعة المهاره؟
“المقدم هو من ذبحني”، يقول عمر وهو يتحدث بحرقة لموقع “فبراير.كوم”، متهماً إياه بالتسبب في تفاقم وضعه. فبعد أن استفسر عمر عن الإجراءات الواجب اتباعها للاستفادة من الدعم، طمأنه المقدم وأخبره بأن اسمه سيكون ضمن قائمة المستفيدين. لكن المفاجأة كانت صادمة: “عندما حضرت اللجنة، قام الفقيه برمي بطاقتي الوطنية وتسجيل اسمه بدلاً مني”، يضيف عمر.
“نصب” الفقيه و”تواطؤ” الإدارة؟
وبحسب رواية المواطن عمر، فإن الفقيه كان يقطن منزله قبل الزلزال بموافقة منه، على أن يتم إخلاء المنزل عند الحاجة. وبعد الزلزال، استغل الفقيه الوضع وقام بتسجيل نفسه كمستفيد من الدعم السكني المخصص للمتضررين، مستفيداً من مبلغ 50 ألف درهم لمدة عام كامل، بينما لم يحصل عمر على أي شيء.
لم يستسلم عمر، وقام بتقديم خمسة طعون في كل من الجماعة، الدائرة، القيادة، العمالة، ووزارة الداخلية، مطالباً بوقف صرف الدعم للفقيه، ومؤكداً أن المنزل هو ملكه. لكن هذه الطعون لم تثمر شيئاً، بل تم تجميد ملف البناء الخاص به، واستمر صرف الدعم للفقيه.
تنازل “مشروط” وتحايل مكشوف
بعد عام كامل، اتصل الفقيه بعمر وعرض عليه التنازل عن المنزل مقابل مبلغ الدعم الذي حصل عليه. وافق عمر على مضض، وقام بتسجيل التنازل في الجماعة، القيادة، والعمالة. لكن الصدمة كانت مضاعفة، فعندما توجه عمر إلى العمالة للاستفسار عن حقه في الدعم الإضافي الذي أقره الملك محمد السادس، أُخبر بأن التنازل يشمل كل شيء، بما في ذلك الدعم الإضافي.
“قالوا لي لديك الحق في الحصول على الدعم، لكن يجب أن تذهب أنت والفقيه لملء طلب في وزارة المالية، ليتم صرف المبلغ باسمه وتسليمه لك”، يوضح عمر. لكن الفقيه رفض التعاون، معترفاً بأنه لم يكن ليتنازل لو علم بوجود دعم إضافي.
مؤسسة الوسيط تتخلى عن دورها؟
يؤكد محمد النوحي، رئيس سابق بالهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أن المشكل “مزدوج”، يتعلق بالإقصاء من السكن رغم توفر الوثائق الثبوتية (شهادة إدارية، عقد التزويد بالماء والكهرباء باسمه، تنازل الفقيه)، بالإضافة إلى “التلاعب” في الدعم السكني. ويضيف أنهم قاموا بتقديم شكاية لمؤسسة الوسيط، لكنهم تفاجأوا برفض المؤسسة استقبال الشكاية، بدعوى وجود لجان مختصة، وهو ما اعتبره المرافق “تخلياً عن الدور المنوط بالمؤسسة”.
إلى القضاء لإنصاف “ضحايا متعددين”
يختتم المتحدث حديثه بالتأكيد على أنهم توجهوا إلى وزارة الداخلية، لكنهم لم يحصلوا على وصل إيداع لطلبهم. ويضيف: “سنضطر إلى رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية من أجل إنصاف هذا المواطن، وهذا الملف الذي هو في الحقيقة ليس ضحية واحدة، بل ضحايا متعددين، وهناك معتقلون في هذا الملف”.