في إطار لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، مساء الثلاثاء 20 ماي الجاري بفندق الدوليز بسلا، استضافت المؤسسة كريم زيدان، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في حوار مفتوح تناول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، بمشاركة الإعلامية مرية موكريم، مديرة موقع “فبراير.كوم”، والإعلامي طارق العاطفي، رئيس تحرير جريدة “هسبريس” الإلكترونية، إلى جانب بوبكر التطواني، رئيس المؤسسة.
وفي كلمة مؤثرة خلال اللقاء، استحضر كريم زيدان تجربة المغاربة الأوائل الذين هاجروا نحو أوروبا، وخاصة ألمانيا، في ظروف صعبة، قائلاً إن نحو 500 مغربي قدموا في وقت واحد إلى مدينة صغيرة، دون سند عائلي أو مأوى، ليواجهوا البرد والغربة والإقصاء.
وأضاف: “مشينا شباب ورجعنا رجال… المحنة صنعت فينا الصبر والعزيمة، وكوّنت شخصيات قوية في غياب الأسرة والدعم”.
وأوضح أن هذه التجربة، التي عاشها المهاجرون المغاربة، كانت محفوفة بالتحديات لكنها منحتهم قيم التضحية والاجتهاد، مشيدًا بما قدمته هذه الفئة للوطن، رغم بساطة الإمكانيات وضآلة الأجور في بدايات الاستقرار بأرض المهجر.
وتطرق زيدان في جزء آخر من مداخلته إلى تجربته الشخصية في مرافقة والده المريض داخل مستشفى عمومي، منتقدًا الخلل الذي تشهده المنظومة الصحية، ليس فقط على مستوى البنيات التحتية، بل في غياب الإنصاف والكرامة في المعاملة، مؤكدا أن “الأب الذي كافح، والأم التي ربّت أجيالاً، لا يستحقان هذا الإهمال في أواخر حياتهما”.
وأشار إلى أن أحد أبرز الإشكالات التي يعيشها النظام الصحي في المغرب هو التفاوت في الولوج إلى العلاج، إذ لا يتمتع جميع المواطنين بنفس جودة الخدمات الصحية، مشددًا على أن العدالة في العلاج لا ينبغي أن تكون مرهونة بامتلاك التأمين أو الوسائل المادية.
وقال: “ما رأيته في ألمانيا جعلني أوقن أن الفرق لا يكمن في الآلات والمعدات، بل في تعامل الطبيب والممرض مع المريض كإنسان أولًا”، داعيًا إلى ترسيخ ثقافة مهنية قائمة على الإنسانية والمسؤولية داخل المؤسسات الصحية.
وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن تحسين المنظومة الصحية يمر عبر إصلاح جذري يدمج التكوين، والتحفيز، وتكريس قيم الخدمة العمومية، لضمان كرامة المواطن في لحظات الضعف، خاصة عندما يكون المرض نهاية مسار حياة حافل بالعطاء والتضحيات.