في تصريح صحفي أدلى به مدير موقع “بديل أنفو”، حميد المهداوي، قبيل ما يعتقد أنها الجلسة الأخيرة في محاكمته، والتي تشمل مرافعة هيئة دفاعه ودفاع الطرف المدني والنيابة العامة، أكد المهداوي على جوهر قضيته، مشدداً على أن القانون الواجب التطبيق هو قانون الصحافة والنشر، وأن المعركة التي يخوضها ليست شخصية ضد وزير العدل، بل هي معركة مبدئية تتعلق بحق الشعب في مراقبة أداء السلطة.
واستهل المهداوي حديثه بالإشارة إلى أهمية تدوينة وزير العدل السابق، مصطفى الرميد، التي أكدت على أن قانون الصحافة والنشر هو القانون الساري في مثل هذه القضايا. وأوضح المهداوي أن الرميد، بصفته وزيراً سابقاً أشرف على قانون الصحافة ورئيساً سابقاً للنيابة العامة، وشارك في الأعمال التحضيرية للقانون، فإن شهادته “جد مؤثرة ومهمة”. وأضاف: “صحيح كان السيد موقفه جاء متأخراً، ولكن أن يأتي متأخراً خير من ألا يأتي أبداً”.
وشدد المهداوي على أن “جميع الأنشطة التي قمت بها هي اختصار واختزال للمادة الأولى من قانون الصحافة والنشر التي تقول إن الصحافة هي مهنة جمع الأخبار والتحري والاستقصاء فيها”. كما أشار إلى المادة الثانية التي تربط ممارسة الصحافة بالصحيفة الإلكترونية، مؤكداً أنه أثبت للمحكمة بمحاضر مفوضين قضائيين العلاقة البنيوية بين صحيفته وقناته على يوتيوب، كونه مدير النشر لكليهما. واستدل أيضاً بالبند الثالث في المحور الأول من ميثاق أخلاقيات المهنة الذي يتحدث عن المواقع الإلكترونية والقنوات التابعة لها.
واستحضر المهداوي المبدأ السادس في الدستور المغربي الذي ينص على مساواة جميع المغاربة أمام القانون، ومقولة جلالة الملك بأن “المغاربة عندي سواسية”، مؤكداً أن أساس المحاكمة العادلة هو مبدأ المساواة. وذكر قضية الزميل الصحفي محمد التيجيني الذي توبع بقانون الصحافة والنشر بسبب محتوى نشره على قناته الشخصية على يوتيوب، بالإضافة إلى أحكام أخرى صدرت بحق مواطنين لا يحملون بطاقة الصحافة وتوبعوا بنفس القانون. كما أشار إلى المادة 72 من قانون الصحافة المتعلقة بالصياح في الأماكن العمومية، معتبراً أن النقاش حولها كان “عبثياً” جرهم إليه الطرف المشتكي للتغطية على حقيقة استهدافه بسبب نشاطه الصحفي في مراقبة السياسات العمومية.
وأكد المهداوي مراراً أن “المعركة مع السيد وزير العدل ليست معركة شخصية، هي معركة ديال الشعب المغربي مع سلطة تريد الاستحواذ على مقدرات الشعب وتريد أن تحكم دون مراقبة”. وأضاف: “أنا صحفي أنوب عن الشعب في حدود مهنتنا الصحافة… أنا أخوض اليوم معركة نيابة عن الشعب المغربي”. ودلل على عدم شخصنة القضية بعدم مواجهته بأي أمر يتعلق بحياته الخاصة خلال جلسات البحث، نافياً الادعاءات التي روجت بأن الأمر يتعلق بالمس بالحياة الخاصة للوزير. وأوضح: “الوزير ليست له حياة خاصة… عبد اللطيف وهبي له حياة خاصة كمواطن، ولكن صفة الوزير ما عندهاش علاقة… ليس للوزير حياة خاصة، للوزير أنشطة وقرارات وإجراءات ترتبط بصفته العامة”.
وانتقد المهداوي عدم حضور الوزير للمحكمة، معتبراً أن ذلك “أخل بالموازين في إطار ما يسمى بتوازن الأسلحة”، مشيراً إلى أن محكمة النقض الفرنسية استدعت مطالباً بالحق المدني رغم أن القانون لا يلزمها بذلك. وتساءل: “جميع المغاربة بدون استثناء إذا وضعوا شكاية يطلب منهم تأكيد الشكاية وحضورهم… فلا فرق بين وزير وغفير”.
وفيما يتعلق بالتسجيل الصوتي المنسوب للوزير، أوضح المهداوي أن التسجيل كان موضوع جدل مغربي وتناولته كل الأوساط لأنه يشير إلى مرفق عمومي وهو القضاء. وقال: “لو كان الصوت المنسوب لوزير العدل والشخص الآخر يتحدثان عن أمر حميمي… لما تناولته، ولكن عندما سمعت مرفق القضاء، ملف معروض على القضاء، وذكر اسم وهبي… فالصحفي ملزم أن يتدخل”. كما أكد أن مفهوم “شرعية الدليل” يخاطب به أجهزة البحث وليس المواطنين أو الصحفيين الذين يعثرون على أدلة.
دفعاً لأي اتهام باستهداف شخصي لوزير العدل الحالي، ذكر المهداوي أن القاضي السعداوي، الذي يترأس الهيئة الحالية، سبق وأن أدانه في قضية ضد وزير العدل السابق مصطفى الرميد، مضيفاً: “هذا أكبر دليل على أنني لا أستهدف وهبي، أي وزير للعدل أكتب عنه”. كما قدم للمحكمة أكثر من 100 مادة كتبها “لفائدة عبد اللطيف وهبي” قبل الأزمة الحالية.
وعزا المهداوي كثرة كتاباته عن وزارة العدل إلى تكوينه القانوني من جهة، وإلى أن وزير العدل الحالي “هو أكثر الوزراء كثافة من حيث الخرجات والتصريحات والأنشطة”، مما يجعله مادة خصبة للعمل الصحفي، مشيراً إلى أن الوزير “يخلق الجدل” بتصريحاته التي أثارت ردود فعل من المحامين والأساتذة والعدول وجمعيات حماية المال العام.
واختتم المهداوي تصريحه بالتأكيد على أنه في “موقع قوة” بفضل وسائل الإثبات ومؤازرة هيئة الدفاع، معرباً عن أمله في أن يكون “النصر للصحافة المستقلة ولمسار البلاد”، رغم تعرضه لخيبات أمل سابقة أمام القضاء.