أكد السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن المغرب، مسترشداً بالرؤية الملكية السامية لدبلوماسية فاعلة واستباقية، تمكن من التموقع مبكراً كفاعل مؤثر في الدينامية الدولية المتعلقة بحكامة الذكاء الاصطناعي.
وخلال مشاركته في مائدة مستديرة بسلا، أوضح السيد هلال أن المملكة اختارت بوعي الشراكة مع الولايات المتحدة والانضمام للمبادرة الصينية في آن واحد، في خطوة تظهر سعيها الواضح لتكون طرفاً فاعلاً في هذه الثورة التكنولوجية، بعيداً عن أي استقطاب سياسي، وبهدف معلن يتمثل في تيسير التقارب وتشجيع التعاون جنوب-جنوب.
وعلى الساحة الدولية، برز الدور المغربي بشكل لافت، حيث كانت المملكة هي البلد العربي والإفريقي الوحيد الذي طلبت منه الولايات المتحدة المشاركة في تقديم أول قرار أممي حول الذكاء الاصطناعي، والذي اعتُمد بالإجماع لخدمة التنمية المستدامة.
وتواصل هذا الزخم عبر إطلاق المغرب وترؤسه المشترك مع الولايات المتحدة لمجموعة أصدقاء الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي، ومشاركته الفعالة في المفاوضات الجارية لصياغة آليات الحوكمة الدولية، فضلاً عن تقديم خبرته لدول آسيا الوسطى في صياغة أول قرار لها في هذا المجال.
ويعتبر البعد الإفريقي والتعاون جنوب-جنوب خياراً استراتيجياً للمملكة في هذا المجال، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وفي هذا الإطار، يعتزم المغرب تقديم أول قرار أممي يعكس انشغالات وتطلعات القارة الإفريقية، ليكون امتداداً لـ “إعلان الرباط” الذي دعا إلى ذكاء اصطناعي سيادي وأخلاقي يتلاءم مع الأولويات الإفريقية. كما تترأس المملكة تحالف العلوم والتكنولوجيا والابتكار من أجل تنمية إفريقيا، وتستعد للرئاسة المشتركة لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار لعام 2025.
داخلياً، تأتي هذه التحركات الدبلوماسية مدعومة باستراتيجية “المغرب الرقمي 2030” التي رُصد لها غلاف مالي بقيمة 11 مليار درهم، مما يضع المملكة ضمن أربع دول إفريقية فقط تمتلك استراتيجية وطنية متكاملة.
وتستند هذه الريادة على رأسمال بشري مؤهل وبنى تحتية متطورة، تشمل مراكز البيانات ومراكز البحث والابتكار المرموقة، مثل المركز الدولي للذكاء الاصطناعي (AI Movement) التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية.
إن تضافر هذه الجهود والمؤهلات يمنح المغرب فرصة فريدة لترسيخ مكانته كقوة إفريقية إقليمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن يكون فاعلاً-جسراً ومساهماً ملتزماً في الحكامة الدولية. وخلص السفير هلال إلى أن هذا الإشعاع التكنولوجي الوطني سيعزز من الريادة المغربية قارياً، بل وقد يضفي الشرعية على طموح المملكة المشروع لاحتضان قمة العمل حول الذكاء الاصطناعي في عام 2027، بعد دورتي باريس ونيودلهي.