"الجيل الأخضر".. حينما يصدر المغرب خبرته الزراعية إلى إفريقيا

بفضل رؤية الملك محمد السادس، واهتمامه بالجيل الأخضر والتنمية المستدامة من خلاله انخراطه في الجهود الدولية في هذا الشأن، يواصل المغرب ثورته الفلاحية ويؤسس لنفسه نموذجا يحتذى به من طرف الدول الافريقية الأخرى، معتمدا على استراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تعزز زعامته في القطاع الفلاحي.

وككل عام وفي نفس الوقت، حسب ما نشره موقع “فوربس” يقام المعرض الفلاحي بالعاصمة الفرنسية باريس، الذي يشارك فيه المغرب، وهي فرصة شهدت  فيها الفلاحة والتطلعات الاجتماعية حول نقاشا واسعا حول فتح الآفاق والنظر لما تزخر به سهول وجبال المغرب من ثروة فلاحية، استطاع من خلالها المغرب أن يكون نموجا أصليا وفعالا في مجال الفلاحة.

لقد أثبت النموذج المغربي في قطاع الفلاحة، أنه بإرادة يستطيع التطور والتكيف مع المتطلبات الاقتصادية للقرن الحادي والعشرين، بما فيه ضمان رفاه المواطنين واحترام البيئة، في الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديا عميقا بسبب الاحتباس الحراري، وندرة الموارد.

“الجيل الأخضر”.. مبادرة ملكية محمودة

الثورة الخضراء الجديدة، اعتمد المغرب العمل بها من خلال استراتيجية فلاحية جديدة، بعنوان “الجيل الأخضر”، يمتد العمل بها إلى حدود 2030 بالموازاة مع الخطة الدولية للتنمية المستدامة، تأتي هذه الخطة في سياق الاستجابة لتطلعات الملك محمد السادس، بتفكيره الشامل والطموح لأجل تطوير القطاع، وهي استراتيجية يقودها وزير الفلاحة عزيز أخنوش.

تهدف خطة المغرب الأخضر، إلى تحديث قطاع الفلاحة وتطوير المناطق الفلاحية النائية، مع التركيز على تطوير المناطق الزراعية للمملكة، خاصة منها ذات الاستغلال الكبير، وبشكل أساسي الموجهة نحو التصدير، حيث ركزت الخطة على هدفين رئيسيين، أولهما مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفلاحة، إضافة إلى تطوير الدخل من القطاع الفلاحي للحد من الفقر. عبر تخصيص 147 مليار درهم للاستثمار في القطاع، واعتماد تقنيات  للري وآلات حديثة للزراعة، وتحسين جودة بذور الزراعة.

“الجيل الأخضر”، استراتيجية شاملة وطموحة 

ستمكن استراتيجية “الجيل الأخضر” الفلاحة المغربية بأن تصبح أكثر فاعلية، في حين يظل الهدف الرئيسي منها هو مضاعفة حصة القطاع من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، والذي يبلغ حاليا 12.3 ٪.

كما تروم المساهمة في تخفيض الميزان التجاري من خلال تصدير المزيد من المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، لذلك يجب أن تنخفض قيمة الصادرات الزراعية من 34.7 مليار درهم في عام 2018 إلى 60 مليار في عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تعبئة مليون هكتار من الأراضي الجماعية، التي من المتوقع أن توفر حوالي 350،000 فرصة عمل جديدة.

طموح الاستراتيجية، سيشمل ظهور جيل جديد من الطبقة الوسطى الزراعية الذي يجب أن نشهده في المغرب. من خلال توفير التأمين الزراعي، والحماية الاجتماعية العامة، وتقليل الفرق بين الحد الأدنى لأجور الفلاحين، بما هو معمول به في القطاعات الأخرى، كما يجب أن تسمح هذه الإجراءات الاستباقية لـ 400000 أسرة مغربية بدخول هذه الطبقة الوسطى، والتي ستعد بعد ذلك ما يقرب من 700000 أسرة – وهذا في حين يمثل القطاع أربع وظائف من أصل عشرة في البلاد ويوفر دخلًا مباشرًا أو غير مباشر إلى 15 مليون مغربي.

كما تعطي الخطة الجديدة التي أطلقها الملك محمد السادس مكانًا متميزًا لريادة الأعمال الفلاحية، التي ستمكن بدورها من خلال توفير الوسائل والتجهيزات، أن تساعد 180،000 مزارع شاب على البدء. حيث سيستفيد 150،000 شاب من تدابير التدريب المهني الطموحة بحلول عام 2030. ويجب ألا يتفوق المكون الرقمي، “الجيل الأخضر” على التخطيط لربط مليوني مزارع على الأقل بمنصات الخدمة الرقمية.

كيف يصدر المغرب خبرته الزراعية إلى إفريقيا؟

لا يشكل أخذ السياسة الفلاحية المغربية نموذجا عنصر مفاجأة، خاصة في القارة الافريقية، التي تتقاسم مع المغرب مجموعة من الخصائص، أبرزها أن القارة  الافريقية أكثر تعرضا لأضرار وعواقب تغير المناخ، كما أن 35 ٪ من الأفارقة يعانون من الجوع وسوء التغذية، ويرجع ذلك إلى اعتماد نظم الفلاحة والزراعة المعيبة، لذلك اتبعت عدة دول مثل السنغال والغابون، نموذج المغرب الفلاحي، واعتمدت خططها الخضراء.

كما يمكّن الطموح الزراعي المغربي من ترسيخ مكانته كأكبر مستثمر أفريقي في القارة، حيث استثمرت المملكة ما يعادل 3.5 مليار يورو تقريبًا بين عامي 2003 و 2019.

وبفضل استراتيجية المغرب الأخضر، اكتسبت المملكة، على سبيل المثال، خبرة قيّمة في رسم خرائط خصوبة التربة، والزراعة المعقلنة، وتكييف الأسمدة مع أنواع التربة.