يعتبر الشعر الحساني أو كما يسمى في الحسانية ب “لغن” الحساني، نمط من أنماط الأدب الشعبي العربي، وغالباً ما يغنّى بطريقة ارتجالية.
وفي حوار مكتوب أجراه موقع “فبراير”، مع ماء العينين محمد الامين، رئيس اتحاد الشعراء والأدباء الحسانيين بالجهات الجنوبية الثلاث. وجوابا عن سؤالنا بخصوص مكانة الشعر الحساني في المجتمع الصحراوي، استهل ماء العينين إجابته ببيت شعري يقول فيه:
أنا لغن متعلق بيه
اللي منو ملكي محكي
واللي ماهو ملكي نحكيه
والحكاية كالملك
موضحا، في هذا “الگاف” أي البيت الشعري، تعلق الإنسان الصحراوي بالشعر وكيف أنه ينتجه لتحكيه الناس في المجالس من أجل المسامرة، والتمثل به في المواقف والاستدلال به عند الحاجة. ولكنه كذلك يتملك كل ما يحكيه من مقول الآخرين ويدافع عنه دفاع المالك عن ملكه معنى ومبني. وإن دل هذا على شيئ فإنما يدل على مكانة الشعر عند المجتمع الصحراوي الحامل لعاداته وقيمه وثقافته والذي يعبر عن أفراحه وأتراحه.
وبالحديث عن مميزات الشعر الحساني، تابع المتحدث ذاته، يتميز بأشكال نصوصه المختلفة من “الگاف” الذي هو أصغر نص إلى “التهيدينة” و”الكرزة” مرورا ب”الگاف” “المسات” و”المثامن” و”الطلعة” و”الرسم”. وكذلك بأوزانه الخاصة التي تتجاوز 30 وزنا، والتي تعتمد أساسا على حساب مقاطع صوتية.
وأضاف في ذات السياق، أن الشعر الحساني، يتميز بعلاقته بالموسيقى فلكل وزن معين مقابل في المقامات الموسيقية الحسانية كما لا تخطئ الأذن. فهناك علاقة وطيدة بين الشعر الحساني والجاهلي خاصة عندما نتحدث عن الأغراض التي يتناولانها من “بكاء على الأطلال”، و”الغزل”، و”النسيب”، و”الفخر”، و”المدح”، وغير ذلك.
ووفق ما يتداول لدى ساكنة الصحراء، بخصوص أن الشعر الحساني هو ذاكرة المجتمع الصحراوي. أوضح محمد الامين، أنه إذا كان الشعر ديوان العرب، فإن الشعر الحساني هو ديوان أهل الصحراء، فهو الحامل لتاريخهم والمخلد لمعاركهم والمؤرخ لأحداثهم المهمة، مشيرا إلى أن له وظيفة تأديبية وأخلاقية، حيث أنه ينشر الأخلاق الحميدة ويزكيها ليتحلى بها الفرد ولتكون نبراسا تنير له الدرب كما أنه يحذر من العيوب والأخلاق الدنيئة ويدفع الفرد إلى تجنبها خوف المذمة، بحد وصفه.
وخلص الباحث، إلى أنه لا تخلو أي مناسبة من حضور الشعر الحساني فيها، فعلى سبيل المثال لا الحصر تجده في جلسات الشاي، حيث ينتظر الجلاس سماع ما جادت به قريحة كل شاعر، ويتم تقويم اعوجاجاته واستعذاب ما حسن منه، كما تجد ذلك في حفلات الزفاف وغيرها، حيث يقف الشعراء للمدح التكسبي وتغدق عليهم الأموال، أو في المساجلات التي تتم بين الشعراء بالإرتجال على أنغام شور أي إيقاع موسيقي.