أعطى العاهل المغربي محمد السادس في خطاب العرش إشارة انطلاق استغلال الطاقة المتجددة في الصحراء المغربية بواسطة المغرب، إذ يتضمن مشروع الاستثمار الأخضر الانتقال إلى الطاقة المتجددة وتطويرها بتكلفة تصل إلى 130 مليار درهم مغربي.
وستدخل شركات أوروبية متخصصة، على خط هذا الاستثمار الملكي الواسع، لإنشاء المحطات الشمسية في الصحراء، على قبيل (سيمنز جاميسا، إنيل، أو أنجيه) أو دولية (جنرال إلكتريك، أكوا باور) بموافقة المغرب.
ويسعى المغرب، عبر هذا الاستثمار الضخم، تعزيز قطاع الطاقة المتجددة في الصحراء المغربية لما يمثل ذلك من ثقل اقتصادي وسياسي على المنطقة.
وتتمثل الاستراتيجية في تقديم أراض وخطط تطوير وفرص استثمار للشركات الدولية في الصحراء مقابل الاعتراف بسيادتها على الإقليم.
“اليوم، مع ظهور دلائل على تراجع التضخم التدريجي عالمياً، نحن بحاجة ماسة للعمل بجدية، ونشعر بالثقة ونستغل الفرص الجديدة لتعزيز المرونة واستعادة الاقتصاد الوطني”، أكد الملك محمد السادس.
وفي هذا السياق، سبق أن ترأس الملك اجتماعًا للحكومة لوضع مشروع “عرض المغرب للهيدروجين الأخضر”، داعيا الحكومة لتنفيذه بسرعة، بالجودة المطلوبة وبالطريقة التي تضمن استغلال إمكانيات المغرب، استجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا المجال الواعد.
ويتحدث خبراء القطاع عن “خطة عمل” للانتقال من استيراد الطاقة الرمادية إلى الطاقة الخضراء بفضل دفع الهيدروجين الأخضر.
وبهذه الطريقة، يُطلق الملك هذا الخطة ويمهّد الطريق لتنفيذها بسرعة من قبل الحكومة والسلطات المختصة، والهدف ليس فقط تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، بل أيضاً تصدير هذه الطاقة النظيفة للدول الشريكة.
وعندما نتحدث عن المستثمرين الأجانب، فقد أبدت شركات من المملكة المتحدة وألمانيا وإسرائيل اهتمامها بالاستثمار في مجال الطاقات المتجددة.
وعلى وجه التحديد، فقد أعلنت مجموعة Oblin Group البريطانية عن مشروع صناعي ضخم بتكلفة 100 مليار دولار من خلال OblinGreen، لبناء مصنع رائد في السوق لتصنيع الألواح الشمسية ، ومزرعة للطاقة الشمسية ، ومزرعة طاقة الرياح.
وخلال الأسابيع الأخيرة، زار وفد من رجال الأعمال البريطانيين، بمن فيهم برانان تامبست، الرئيس التنفيذي لهذه المجموعة البريطانية، مدينة الداخلة، الذي تحدث عن أن شركته ستستفيد من الشمس والرياح لإنتاج الجزيئات الخضراء بأفضل تكلفة ممكنة مع فريق عمل يضم 75% من العمال المحليين.
وسوف تنتج الشركة البريطانية الألواح الشمسية وشفرات طاحونة الرياح، بالإضافة إلى بطاريات لصناعة السيارات في المغرب. كما ستستخدم الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والغاز لمصنع زجاج أخضر، فضلا عن دعم صناعة السيارات البيئية في المغرب.
بالمقابل، ستقوم شركة CWP Global الأمريكية العملاقة، وهي إحدى الشركات الرائدة عالميًا في تطوير مشاريع الطاقات المتجددة، بالاشتراك مع شركة Hydrogenious LOHC Technologies الألمانية، وهي رائدة في مجال حاملات الهيدروجين العضوي السائل (LOHC)، في إجراء دراسة جدوى مشتركة لاستكشاف سلسلة نقل 500 طن من الهيدروجين الأخضر يوميًا من المغرب إلى أوروبا.
وتمت زيارة المدير التنفيذي لشركة CWP، مارك كراندال، المغرب في نهاية دجنبر عام 2022 للاجتماع مع فريقه المحلي، الذي كان يجري بحوثًا تقنية منذ عام 2019 حول الموارد الشمسية والريحية اللازمة لإنتاج الهيدروجين.
وقال كراندال: “المغرب من بين البلدان القليلة التي تمتلك إمكانات أكبر لإنتاج وتصدير الجزيئات الخضراء. ووفقًا لتقديراتنا، يمكن أن يحتل 5 إلى 10% من سوق الهيدروجين الأخضر العالمي. ستكون مرافقنا في المغرب مشاريع ضخمة، خاصة في المناطق الجنوبية”.
وقد كان المغرب أول دولة وقعت اتفاقًا مع ألمانيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر مباشرة بعد عرض الاستراتيجية الوطنية الألمانية للهيدروجين في عام 2020.
وسيقوم البنك التنموي الألماني KfW بتمويل بناء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 300 مليون يورو. وسيصبح المغرب بذلك أكبر منتج للهيدروجين الأخضر في إفريقيا بحلول عام 2025.
ويحصل المغرب بالفعل على 20% من طاقته من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والمائية. ومع ذلك، فإن هدفه هو زيادة حصة الطاقات المتجددة في استهلاكه للكهرباء إلى 52% بحلول عام 2030، وحتى 86% في المستقبل.