الرئيسية / ثقافة و فن / من الصحراء.. الموسيقى الحسانية تمجيد للهوية واحتضان للتنوع

من الصحراء.. الموسيقى الحسانية تمجيد للهوية واحتضان للتنوع

الموسيقى الحسانية- الصحراء المغربية
ثقافة و فن
فريد أزركي 30 أبريل 2024 - 15:30
A+ / A-

عندما تلامس أقدامك رمال الصحراء المغربية، ستسمع هسيسا ساحرا يشبه هديل القصب عندما تداعبه نسمات الصباح الرقيقة. الريح الخفيفة تجعل حبيبات الرمل الذهبية ترقص رقصة طبيعية خلابة، تحكي قصصا عتيقة عن عظمة الخالق في هذا الكون الفسيح.

بين هسيس الرمال وهديل القصب المتمايل، تتردد نغمات موسيقية أخاذة تفتح للرحالة والمسافرين باب الحلم، وتبعث في أبناء الواحات الساحرة في زاكورة ومحاميد الغزلان وطانطان والساقية الحمراء والعيون والداخلة وغيرها من الضفاف الصحراوية المغربية الجميلة، ذكريات لا تنسى.

هذه الصور الطبيعية الفاتنة، وحنين الذكريات، ولغة الأصوات الحية، وروعة الواحات بظلالها وبرودتها وأصدائها وطيورها وعاداتها العريقة وأهلها الطيبين، تمجد نبل الهوية ومحبة الوطن، وتخلد التاريخ الممتد من طنجة العالية إلى لؤلؤ الكويرة ومرجانها.

أصداء الصحراء التي تتردد في كل الزوايا وعلى القصبات وفوق قمم الكثبان، هي خليط أسطوري لأصوات الريح وهسيس الرمل وحفيف النباتات التي تتحدى الطبيعة، ومزيج من المواويل الموغلة في القدم والبحور الصوفية والمقامات الصحراوية والأمداح النبوية الشريفة، وإيقاعات موسيقية تؤنس الرحل مع قطعانهم، في حلهم وترحالهم، وفي سفرهم وأحلامهم التي تمتد بين الفجاج والعروق والسراب.

وبالحديث عن الموسيقى الحسانية، فالمقامات الموسيقية هي القلب النابض لهذا الفن العريق، حيث تحمل كل مقامة معان، فمقام “فاقو” على سبيل المثال، المشتق من اللفظ العربي “الفواق” وهو الشهقة العالية، يعكس الافتخار والاعتزاز بالهوية والتراث. بينما تتغنى مقامات أخرى بأناشيد الحب والغزل، وتروي قصائد المدح والذم بكلمات رشيقة.

هذا التنوع الغني في المضامين والمعاني يجعل من الموسيقى الصحراوية لوحة فنية متعددة الألوان، تستقطب المستمعين من كافة الخلفيات والأعمار. فالجميع يجد فيها متنفسا لمشاعره وأحاسيسه، سواء كانت الفرح أو الحزن، الغضب أو الحب.

ولكن ما يميز هذا الفن أكثر هو احترامه العميق للقواعد والمقامات الموسيقية التقليدية. فالفنانون الصحراويون لا يتجرأون على تجاوز هذه القواعد، بل يسعون جاهدين لإتقانها والتعمق فيها. هذا الاحترام للتراث والأصالة هو ما يضمن بقاء هذا الفن حيا عبر الأجيال، ينقل رسائله العميقة.

والآلات الموسيقية المستخدمة في هذا الفن تضفي عليه سحرا خاصا لا يضاهى. فآلة “التدنيت” ذات الخمسة أوتار، والتي حلت محلها القيتارة في الوقت الحاضر، تضفي نغمات رائعة تتناغم بانسجام مع الطبول الدافقة والبيانو العصري، لتخلق سمفونية متناغمة من الإبداع والجمال.

لا شك أن الموسيقى الصحراوية هي جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية الغنية، وهي موروث ثقافي يجب الحفاظ عليه وتعزيزه وإحيائه باستمرار. فهذا الفن ليس مجرد صوت وإيقاعات، بل هو روح حية تنقل لنا تاريخا عريقا وقصصا إنسانية راسخة في أعماق الصحراء الخالدة.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة