كشف التقرير الأخير للاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” عن تراجع كبير في إجمالي الاستثمارات الأجنبية بالمغرب خلال العام الماضي، مسجلاً أدنى مستوياته منذ 19 عامًا عند 1.09 مليار دولار.
وأظهرت معطيات التقرير أن معدل الاستثمارات الأجنبية تراجع للعام الثالث على التوالي، حيث فقد أكثر من 50% من قيمته منذ عام 2021، عندما كان يناهز 2.3 مليار دولار.
ويعزو خبراء اقتصاديون هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها الضبابية في المناخ السياسي الحالي، وضعف التواصل الحكومي على المستويين الداخلي والخارجي. كما يشيرون إلى أن غياب الثقة السياسية الكبيرة والحكومة القوية ذات القدرة التواصلية الفعالة يجعل المستثمر الأجنبي في حالة ترقب.
ولفت المحللون إلى أن تدني تصنيف المغرب في العديد من التقارير الدولية، كمؤشر الفساد ومؤشر التنافسية العالمية، كان له دور كبير في تراجع الاستثمار الأجنبي الموجه نحو المملكة.
وفي هذا السياق، حل المغرب خارج التصنيف في تقرير التنافسية العالمي 2024 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، في وقت احتلت فيه ست دول عربية وأربع دول إفريقية أخرى مكانة ضمن قائمة الدول الأكثر تنافسية في العالم.
كما صنفت منظمة الشفافية الدولية “ترانسبرنسي” المغرب في المركز 97 عالميًا ضمن تقريرها السنوي المتعلق بإدراك الرشوة، وذلك بعد حصوله على معدل 38/100، وهو نفس المعدل المسجل في السنة السابقة.
ويذكر أن المغرب تراجع بواقع 24 مركزًا في هذا المؤشر منذ عام 2018، وفق تقرير سابق لمنظمة الشفافية الدولية “ترانسبرنسي” حين كان يحتل المركز 73 عالميًا.
وأشار الخبراء إلى وجود عوامل خارجية تساهم في هذا التراجع، مرتبطة بالسياق الدولي المتسم بتوترات جيوسياسية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
ويطرح هذا التراجع الحاد في الاستثمارات الأجنبية تساؤلات جدية حول قدرة المغرب على استعادة جاذبيته الاستثمارية في ظل التحديات الداخلية والخارجية الراهنة، وما إذا كانت الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ستفرز حكومة قادرة على إعادة الثقة للمستثمرين الأجانب وتحسين صورة المملكة على الساحة الدولية.