في الوقت الذي تستعد فيه الجزائر وتونس لانتخاباتهما الرئاسية، تتسارع الأحداث لتكشف عن أوجه التشابه العميقة بين الوضعين في البلدين.
ورغم الاختلافات الكبيرة في الحجم والموارد الاقتصادية، فإن الانتخابات القادمة في كلا البلدين تبدو أنها تسعى إلى تحقيق هدف مشترك، “ترسيخ الأوضاع الاستبدادية القائمة وتعزيز المناخ القمعي ضد المعارضين”. حسب ماتناولته مجلة “لوبوان” الفرنسية.
الجزائر: الاستبداد بواجهة جديدة
في الجزائر، حيث تُعقد الانتخابات الرئاسية في السابع من شتنبر 2024، تترقب البلاد مواجهة بين الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون وخصومه.
الجزائر، ذات المساحة الكبيرة التي تبلغ أربعة أضعاف مساحة فرنسا، تعتمد بشكل رئيسي على الهيدروكربونات في تأمين مواردها المالية، في هذه الأثناء، تحاول حكومة تبون أن تؤكد سيطرتها على الوضع السياسي من خلال تحجيم المعارضة وتضييق الخناق على حرية التعبير.
وتأتي الانتخابات الرئاسية بالجزائر في سياق سياسي متوتر بعد “الحراك” الذي اندلع في عام 2019، حيث خرج ملايين الجزائريين إلى الشوارع مطالبين بالتغيير، فبالرغم من أن الحراك أظهر رغبة قوية في التغيير، إلا أن الوباء والاعتقالات العديدة قد أثرت بشكل كبير على حركية الاحتجاجات، مما منح السلطة الوقت الكافي لترسيخ أقدامها.
وفي الانتخابات المقبلة، يواجه تبون مرشحين لم يبرزوا كقوى معارضة حقيقية، بل إن اختيار المرشحين يبدو أنه قد تم توجيهه لضمان استمرار تبون في الحكم.
وقد تقرر انتخاب تبون من خلال انتخابات تُعتبر مشكوكًا في نزاهتها، حيث تم استبعاد العديد من المرشحين المحتملين واستُبعدت الحرية السياسية بشكل كبير.
تونس: قيس سعيد والاستبداد في ظل أزمة اقتصادية خانقة
في تونس، كما الجزائر، ستُجرى الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر 2024. تحت قيادة الرئيس قيس سعيد، الذي تولى السلطة في يوليو 2021 بعد تفعيل المادة 80 من دستور 2014،حيث شهدت تونس تحولا جذريا نحو الحكم الفردي.
قيس سعيد استولى على جميع السلطات، وقام بتصفية المؤسسات الديمقراطية وأدخل تغييرات دستورية تصب في صالحه، مما أدى إلى سجن عديد معارضيه.
ورغم أن تونس تمتلك مساحة أصغر بكثير من الجزائر وعدد سكان أقل، إلا أنها تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، حيث بلغ الدين العام في تونس 80% من ناتجها المحلي الإجمالي، بينما يصل معدل البطالة إلى 16%، مع وجود نسبة عالية من الشباب العاطلين عن العمل. هذا الوضع الاقتصادي المزري يزيد من ضغوط الحياة اليومية للمواطنين، ويجعل الاستبداد الذي يفرضه سعيد أكثر قسوة.
وفي الانتخابات القادمة، يُفترض أن يتواجه قيس سعيد مع اثنين من المرشحين المجهولين الذين يساندونه فقط، وهو ما يُعد تحكما مشددا في عملية الانتخاب، على الرغم من أن المحكمة الإدارية سمحت لثلاثة مرشحين آخرين بالمشاركة، إلا أن الهيئة الانتخابية تجاهلت هذه القرارات، مما يعكس تحكم النظام الحاكم في العملية الانتخابية.
الجزائر وتونس: الاستبداد بوسائل مختلفة
تشترك الجزائر وتونس في العديد من أوجه التشابه في سياق الانتخابات القادمة، حيث يسعى كل من تبون وسعيد إلى تأكيد سيطرتهم على السلطة من خلال تقليص حرية التعبير وقمع المعارضة.
وفي حين تعتمد الجزائر على قوتها الاقتصادية المرتكزة على الهيدروكربونات، تواجه تونس تحديات اقتصادية كبيرة، مما يجعل قدرة سعيد على فرض الاستبداد أصعب وأكثر تكلفة.