عبر عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عن رفضه التام لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أدان فيها المقاومة الفلسطينية واصفًا أحداث السابع من أكتوبر 2023 بـ”الهمجية”، في الوقت الذي دافع فيه عن حق إسرائيل في “الدفاع عن نفسها”.
وجاءت تصريحات ماكرون، التي ألقاها أمام البرلمان المغربي يوم 29 أكتوبر، لتثير موجة من الجدل وردود الفعل، حيث اعتبر بووانو أن هذا التوصيف قد يرقى إلى الشراكة مع إسرائيل في حربها المستمرة ضد الفلسطينيين، وتغطي جرائمها التي تتنافى مع مبادئ القانون الدولي.
وأوضح بووانو، في بيان رسمي أصدره اليوم، أن وصف ماكرون لأحداث السابع من أكتوبر بأنه “بربري” هو توصيف “غير منصف ومجانب للصواب”، معتبرًا أن عملية “طوفان الأقصى” التي يقودها الشعب الفلسطيني تأتي كرد فعل طبيعي ومشروع، تكفله الشرائع والقوانين الدولية، لكل شعب واقع تحت الاحتلال والاستعمار، ومنها الشعب الفلسطيني.
وأشار بووانو إلى أن تاريخ الصراع بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني يمتد لأكثر من سبعين عامًا، شهد خلالها الفلسطينيون مختلف أشكال التهجير والتدمير على يد الاحتلال الإسرائيلي، مشددًا على أن هذا الصراع لم يبدأ بأحداث 7 أكتوبر، بل هو امتداد لنضال طويل في سبيل استعادة الحقوق.
كما أضاف بووانو أن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية تداولت في رد فوري داخل قاعة البرلمان أثناء خطاب ماكرون، إلا أنهم امتنعوا عن ذلك احترامًا لبروتوكولات الاستقبال الملكي ولتقاليد المغاربة في التعامل مع الضيوف، لكنه أكد أن المجموعة ستتابع الأمر عبر مبادرات لاحقة للتعبير عن موقفهم الرافض لهذه التصريحات التي تتنافى مع دعم الشعب المغربي الدائم للقضية الفلسطينية ووقوفه المتواصل إلى جانب الفلسطينيين، من خلال الوقفات والمسيرات الشعبية التي يشهدها المغرب منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وفي السياق ذاته، أشار بووانو إلى أن المغرب يضع القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، انطلاقًا مما أعلنه الملك محمد السادس في اتصاله برئيس السلطة الفلسطينية في ديسمبر 2020، وأيضًا استنادًا إلى كلمة وزير الخارجية ناصر بوريطة في اجتماع حركة عدم الانحياز بالأمم المتحدة، في سبتمبر 2024، حيث أكد المغرب أن القضية الفلسطينية تظل من ثوابت سياسته الخارجية، مشددًا على رفض الرباط لأي حل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وفي سياق متصل، اعتبر بووانو أن تصريحات ماكرون بشأن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” تتجاوز ما وصفه “بالتغطية الدبلوماسية والسياسية” للجرائم التي يرتكبها الاحتلال، التي تشهدها غزة ولبنان، ما يُعد دعمًا مباشرًا لإسرائيل وتجاهلاً لنداءات المجتمع الدولي المتكررة، التي تدعو إلى وقف العنف وتطبيق القرارات الأممية بخصوص النزاع.
على صعيد آخر، أشاد بووانو بموقف ماكرون المتغير بشأن قضية الصحراء المغربية، حيث عبّر عن “تفاؤل كبير” لما تضمنه خطاب الرئيس الفرنسي من دعم واضح لمغربية الصحراء وتأييده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، وهو ما يعكس رغبة في طي صفحة الخلافات السابقة وفتح آفاق جديدة للتعاون المغربي-الفرنسي، خاصة في إطار ما وصفه بالشراكة الاستثنائية المتينة بين البلدين.
ختاما أعرب بووانو عن أمله في أن تُترجم هذه التصريحات إلى خطوات عملية على أرض الواقع، مع الحفاظ على التوازن بين دعم مغربية الصحراء والوقوف إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن المغرب، شعبًا وحكومة، يظل ملتزمًا بمواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ويسعى لتعزيز مصالحه الوطنية من دون التفريط في حقوق الفلسطينيين العادلة والمشروعة.
