الرئيسية / قصاصات / ازدواجية المعايير في أوروبا: من أحداث شغب رياضي إلى اتهامات بمعاداة السامية

ازدواجية المعايير في أوروبا: من أحداث شغب رياضي إلى اتهامات بمعاداة السامية

قصاصات
راوية الذهبي 09 نوفمبر 2024 - 12:00
A+ / A-

تحولت العاصمة الهولندية أمستردام في الأيام الأخيرة إلى مسرح لأحداث عنف أعقبت مباراة كرة القدم بين نادي “مكابي تل أبيب” الإسرائيلي ونادي أياكس أمستردام، حيث اندلعت اشتباكات بعد أن قامت جماهير النادي الإسرائيلي برفع شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين، وتمزيق العلم الفلسطيني، ورفض الالتزام بدقيقة صمت تضامناً مع ضحايا فيضانات إشبيلية. وعلى الرغم من الطابع الاستفزازي لتصرفات هؤلاء المشجعين، إلا أن السلطات الهولندية اختارت التركيز فقط على ردود الفعل المحلية، واصفة إياها بـ”معاداة السامية”، دون أي إشارة إلى الانتهاكات التي ارتكبها مشجعو “مكابي”.

وزير العدل الهولندي، ديفيد فان ويل، أكد في تصريحاته أن السلطات ستلاحق وتدين أي شخص متورط في أعمال العنف التي استهدفت مشجعي “مكابي تل أبيب”، بينما عبّر رئيس الوزراء ديك شوف عن استنكاره الشديد لهذه “الهجمات المعادية للسامية”، دون الإشارة إلى السلوكيات الاستفزازية لمشجعي الفريق الإسرائيلي. هذه الانتقائية في التعامل مع الأحداث أثارت موجة من التساؤلات حول معايير العدالة، وأبرزت مرة أخرى مسألة ازدواجية المعايير في التعاطي مع قضايا تتعلق بالعلاقات بين الجاليات المختلفة في أوروبا.

ومن المثير للاهتمام أن هذه ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها علامات استفهام حول سلوكيات جماهير “مكابي تل أبيب”. فقد شهدت اليونان حادثة مشابهة العام الماضي، حينما قام مشجعو “مكابي” بالاعتداء على مواطن يوناني، دون أن تتخذ السلطات أي إجراءات صارمة ضدهم. تجاهل هذه الحادثة في اليونان وعدم محاسبة المعتدين حينها، يعكس نمطاً من التسامح مع تصرفات مشجعي النادي الإسرائيلي، بينما تتحول ردود الفعل في حالات أخرى إلى قضايا حساسة تتعلق بـ”معاداة السامية”.

هذا التجاهل المتكرر للسلوكيات الاستفزازية لمشجعي “مكابي تل أبيب” يشير إلى أن هناك تفضيلاً واضحاً لحماية صورة معينة على حساب العدالة المتساوية. فما حدث في اليونان من اعتداء دون محاسبة، وما يحدث الآن في هولندا من تحويل ردود الفعل إلى اتهامات بمعاداة السامية، يسلط الضوء على معايير مزدوجة في التعامل مع الأحداث عندما يكون الجانب الإسرائيلي طرفاً فيها.

في المقابل، تصاعدت الأصوات داخل البرلمان الهولندي مطالبةً بمناقشة عاجلة حول الأحداث الأخيرة، لكن من الملاحظ أن التركيز الرئيسي كان على كيفية التعامل مع ما وُصف بـ”الهجمات المعادية للسامية”، دون التطرق للسلوكيات التي سببت هذا التوتر. يبدو أن النقاش قد أخذ منحىً يهدف إلى حماية المشجعين الإسرائيليين، بينما تُهمل قضايا المواطنين المحليين الذين شعروا بالاستفزاز من هذه التصرفات.

هذا التحول المفاجئ من أعمال شغب إلى قضية تتعلق بمعاداة السامية يعزز فكرة أن أي رد فعل ضد تصرفات مشجعين إسرائيليين قد يُعاد تأطيره ليُفسر كتهديد ضدهم، ويستدعي بالتالي تدخلاً دبلوماسياً وأمنياً لحمايتهم. هذا المنظور الضيق في التعامل مع الأحداث يتجاهل الواقع الاجتماعي المعقد في المدن الأوروبية، حيث تتداخل التوترات الثقافية والاجتماعية مع تأثيرات تصرفات الجماهير الأجنبية.

في النهاية، تحتاج هذه الأحداث إلى معالجة متوازنة تأخذ في اعتبارها السياق الكامل للأزمة، بما يشمل محاسبة الأطراف التي أثارت التوترات بدلاً من التركيز فقط على ردود الفعل. فمعالجة هذه القضايا تتطلب إرساء معايير ثابتة للعدالة تضمن للجميع حقهم في التعبير عن استيائهم، دون أن يُوصموا بتهم ثقيلة كمعاداة السامية كلما عُبروا عن رفضهم لتصرفات مسيئة.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة