كشف مركز التقعيد الاقتصادي المتخصص في التجارة الدولية، التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، عن وجود مبادلات تجارية موثقة بين الجزائر وإسرائيل منذ عام 2017، تتجاوز قيمتها 30 مليون دولار، تمت قبل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل في دجنبر 2020، مما يسلط الضوء على وجود تعاملات اقتصادية بين الجزائر وإسرائيل رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين في ذلك الوقت.
وفقًا للأرقام الخاصة بعام 2017، صدرت الجزائر إلى إسرائيل منتجات بقيمة 30.5 مليون دولار، وكانت شحنات الهيدروجين من أبرز تلك الصادرات.
وتظهر هذه الأرقام أن الجزائر، رغم موقفها السياسي الرافض للتطبيع مع إسرائيل، كانت تشارك في تعاملات تجارية مع الدولة العبرية.
مرصد التعقيد الاقتصادي (OEC)، الذي يُعد منصة موثوقة في مجال البيانات التفصيلية للتجارة الدولية، أكد هذه المعطيات.
ويعتمد المرصد على شبكة واسعة تغطي 500 موقع في العالم و5000 منتج، بالإضافة إلى بيانات آلاف الشركات، مما يعطي مصداقية كبيرة للبيانات التي يقدمها.
وفي هذا الإطار، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن بلاده مستعدة للاعتراف بإسرائيل في حال قيام دولة فلسطينية، خلال حواره مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، الذي نُشر في 3 فبراير 2025، حيث أكد تبون أن الجزائر ستطبع علاقاتها مع إسرائيل في نفس اليوم الذي تقوم فيه الدولة الفلسطينية.
وأشار إلى أن هذا الموقف ليس جديدًا، بل إن سابقيه، الرئيسين الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة، لم يكن لديهما أي مشكلة مع إسرائيل، وإنما كان الاهتمام منصبًا على إنشاء الدولة الفلسطينية.
ورغم هذه التصريحات، فإن الصادرات الجزائرية إلى إسرائيل لم تتوقف عن الارتفاع. ففي عام 2022، قفزت قيمة الصادرات الجزائرية إلى إسرائيل لتتجاوز 21 مليون دولار، في حين شهدت الصادرات المغربية إلى إسرائيل تراجعا كبيرا، حيث انخفضت من أكثر من 64 مليون دولار في 2018 إلى 10.2 مليون دولار في 2020، وهي السنة التي شهدت تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
وفي عام 2021، بلغت صادرات المغرب إلى إسرائيل 11 مليون دولار فقط، بينما سجلت الجزائر صادرات بقيمة 15 مليون دولار. وفي عام 2022، ارتفعت صادرات المغرب إلى 17.9 مليون دولار، بينما وصلت صادرات الجزائر إلى 21.4 مليون دولار.
وحسب بيانات “UN Comtrade”، فإن المواد الكيماوية العضوية ومركبات المعادن النادرة كانت من أبرز الصادرات الجزائرية إلى إسرائيل، في حين أن الصادرات المغربية تركزت في الخضروات والفواكه والمكسرات واللحوم والأسماك.
وتُظهر هذه التفاصيل اختلافا في طبيعة الصادرات بين البلدين، حيث تركز الجزائر على المواد الكيماوية والطاقية، بينما يعتمد المغرب على المنتجات الزراعية والغذائية.
وفيما يتعلق بترتيب البلدان العربية الأكثر تصديرا إلى إسرائيل، تحتل الجزائر المرتبة الرابعة بعد الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر، بينما يحتل المغرب المرتبة الخامسة عربيًا والرابعة أفريقيًا بعد مصر وجنوب إفريقيا والجزائر.
وتفتح هذه المعطيات، الباب أمام نقاش أوسع حول طبيعة العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وإسرائيل، خاصة في ظل التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، فمن ناحية، تظهر البيانات أن التعاملات التجارية يمكن أن تسير بشكل مستقل عن العلاقات الدبلوماسية، ومن ناحية أخرى، تبرز التساؤلات حول مدى تأثير هذه التعاملات على المواقف السياسية للدول العربية تجاه القضية الفلسطينية.