في حلقة جديدة من برنامج “ما لم يُرْوَ” ، تناول الباحث في التراث والتاريخ يوسف الموساتي، إشكالية تدريس التاريخ في المغرب وعلاقتها بالتنوع الثقافي والهوياتي للمجتمع المغربي.
يرى الموساتي أن التاريخ المدرسي لا يمكن وصفه بـ”المزور”، لكنه يعكس رؤية السلطة المسؤولة عن المقررات التعليمية، موضحاً: “التاريخ المدرسي في كل شعوب العالم، وليس فقط في المغرب، يعكس وجهة نظر معينة، تبقى متغيرة حسب الظروف السياسية واحتياجات السلطة، وهذا هو الخطير”.
ويشدد الباحث على ضرورة التوصل إلى “حد أدنى من التوافق على تاريخ يعكس التنوع الثقافي والتمثيلية الثقافية، ولا يجحد أحداً حقه”. ويضيف: “في أغلبية الدول التي قطعت شوطاً بعيداً في هذا المجال، هناك نوع من التوافقات على الحد الأدنى الذي يمكن أن نتوافق عليه”.
ويقترح الموساتي مقاربة تربوية تقوم على تنشئة الأجيال على فهم نسبية الحقيقة التاريخية، قائلاً: “يجب أن نربي الأجيال على نسبية الحقيقة، لأن للأسف، أجيال كثيرة هربت من التاريخ لأنه لا يمثلها. فالشخص الذي يعيش في الجبل حين يُدرّس تاريخ العاصمة دون أن يجد فيه ما يمثل ثقافته وهويته، كيف سيهتم بالتاريخ؟”
ويحذر الموساتي من خطورة القطيعة مع التاريخ، وتأثيرها على بناء المشروع المجتمعي، مؤكداً: “يجب أن يعكس التاريخ المدرسي التنوع الثقافي والهوياتي ويعترف به كاملاً، وأن يعكس النسبية التاريخية لا الحقيقة المطلقة”.
وأعرب الباحث عن مخاوفه من التوترات المستقبلية في ظل التوجهات الحالية، قائلاً: “أخاف من التوترات المستقبلية أكثر من الحالية، لأن ما هو قادم مع التوجهات الحالية مثير للقلق بشكل كبير”.
وربط الموساتي بين التصالح مع التاريخ وبناء مشروع مجتمعي ناجح، موضحاً: “لا يمكن بناء مشروع مجتمعي إلا إذا كان المجتمع متصالحاً مع نفسه ومع تاريخه، وعنده حد أدنى من التوافقات والاعتراف بالتنوع والاختلاف”.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن جزءاً كبيراً من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المغرب بعد الاستقلال نتجت عن “عدم استيعاب وعدم تقبل الاختلاف، ومحاولة التنميط”، مضيفاً: “المغرب قام على أساس الاختلاف الثقافي واللغوي والديني، ويوم لا نجد مشكلة في هذا الأمر ونتقبل الاختلاف، سنتجاوز كثيراً من المشاكل”.
