يأتي قرار الولايات المتحدة بإعفاء الهواتف الذكية والحواسيب من الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على المنتجات الصينية، في لحظة مفصلية بالنسبة للمغرب الذي يسعى إلى ترسيخ مكانته كمركز إقليمي للصناعة واللوجستيك وسلاسل التوريد.
ففي ظل التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، والتحول التدريجي نحو تنويع سلاسل الإمداد، يجد المغرب نفسه في موقع استراتيجي يؤهله للاستفادة من إعادة تموقع الاستثمارات العالمية، خاصة في قطاعات الإلكترونيات والتكنولوجيا المتقدمة.
فالمملكة، التي تربطها اتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة، وطورت شراكات متقدمة في مجالات الصناعات الدقيقة، تبدو مرشحة لاستقطاب وحدات إنتاج أو تجميع تستهدف السوق الأميركية، ضمن منطق “صنع خارج الصين”.
وبينما يعفي القرار الأميركي معدات تكنولوجية عالية القيمة من الرسوم، ما سيخفف الضغط عن المستهلك الأميركي، فإنه في المقابل يعزز من فرص الدول ذات الموقع الجيو-استراتيجي، والاستقرار السياسي، والتحفيزات الاستثمارية، مثل المغرب، للعب دور في مرحلة ما بعد احتكار الصين لسلاسل الإنتاج.
وفي الوقت الذي تتجه فيه شركات تكنولوجية كبرى إلى إعادة رسم خارطة التصنيع والتموين، يبرز المغرب كمرشح طبيعي بفضل بنيته التحتية المتطورة (ميناء طنجة المتوسط كمثال)، وارتباطه اللوجستي بالقارتين الأوروبية والإفريقية، إضافة إلى اهتمامه المتزايد بصناعة المكونات الإلكترونية والرقمية.
كما أن تخفيف الضغط الجمركي على منتجات مصنّعة بالصين قد يُعيد النقاش حول إمكانية الشراكة الصناعية بين المغرب ومقاولات آسيوية تبحث عن منصات قريبة من الأسواق الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، عبر استثمارات وسيطة أو تجميع متعدد الجنسيات.
في هذا السياق، لا يُستبعد أن يُسهم القرار الأميركي في تحفيز دينامية استثمارية جديدة في المغرب، ضمن موجة البحث عن بدائل صناعية وتجارية تعيد توزيع النفوذ الصناعي العالمي بعيدًا عن التمركز الأحادي.
