أفادت مصادر متطابقة أن ثلاث عناصر تابعين للبوليساريون قاموا بتسلم أنفسهم للقوات المسلحة الملكية المغربية أول أمس الخميس، في منطقة الحزام الأمني بـ”كتلة زمور”.
وحسب مايتم تداوله فإن العناصر الثلاث أنه وفور وصولهم الى النقطة الأمنية كانوا محملين بعتادهم العسكري، حيث قاموا بتسليم أنفسهم، دون الدخول في أي مواجهة.
وأعلنت جبهة البوليساريو، عبر ما يُعرف بوزير داخليتها إبراهيم البشير بيلا، عن استعدادها للدخول في مفاوضات جادة حول مستقبل الصحراء المغربية، واصفةً مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب بـ “أحد الخيارات الممكنة” في إطار تسوية سياسية شاملة.
هذه التصريحات، التي نقلتها وسائل إعلام جزائرية بارزة، تمثل خروجاً واضحاً عن الخطاب السابق للجبهة، الذي كان يرفض بشكل قاطع أي حلول لا ترتكز على “تقرير المصير”.
تصريح البشير بيلا، الذي أكد أن مبادرة الحكم الذاتي “لا تمثل سوى خيارًا من بين عدة خيارات ينبغي التفكير فيها”، أثار تساؤلات واسعة حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحول المفاجئ. فالجبهة، التي طالما تمسكت بموقف متصلب، يبدو أنها بدأت تدرك الحاجة إلى تبني مقاربة أكثر واقعية ومرونة في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة.
ويأتي هذا التغيير في اللهجة في أعقاب تجديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه لمغربية الصحراء، وتأكيده على أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يمثل “الإطار الوحيد القابل للتطبيق” للتوصل إلى حل سياسي دائم ومقبول من جميع الأطراف.
وقد حث البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية الأطراف على الانخراط في مفاوضات “دون تأخير” على أساس هذا المقترح، مؤكداً استعداد الولايات المتحدة لتقديم الدعم اللازم لتسهيل هذه المفاوضات.
ويرى محللون أن الدعم الأمريكي المتزايد لموقف المغرب، بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية المتصاعدة، قد دفع البوليساريو إلى إعادة تقييم حساباتها وتبني خطاب أكثر تصالحية. كما أن إشارة البشير بيلا إلى رفض الجزائر وجبهة البوليساريو لمقترح الحكم الذاتي في الماضي يشي بإدراك متزايد لضرورة تجاوز المواقف التاريخية الجامدة والبحث عن حلول عملية قابلة للتطبيق.
ومع ذلك، لا يزال من المبكر الجزم بأن هذا التحول في خطاب البوليساريو يمثل بداية حقبة جديدة في ملف الصحراء. فقد اشترط البشير بيلا أن تكون المفاوضات “جدية تفضي إلى حل قائم على مبدأ تقرير المصير”، وهو شرط قد يشكل عقبة رئيسية في طريق التوصل إلى اتفاق. كما أن موقف الجزائر، الداعم التقليدي للبوليساريو، لا يزال غير واضح تماماً، على الرغم من أن التصريحات نقلت عبر وسائل إعلام جزائرية، ما قد يشير إلى وجود توافق ضمني.
وبغض النظر عن التحديات المحتملة، فإن استعداد البوليساريو للدخول في مفاوضات جادة بشأن الحكم الذاتي يمثل تطوراً إيجابياً يستحق الترحيب. فالحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد لحل النزاعات المعقدة، والوصول إلى حلول مستدامة تضمن الاستقرار والازدهار في المنطقة. يبقى الآن أن نرى ما إذا كان هذا التحول في الخطاب سيترجم إلى خطوات عملية على أرض الواقع، وهل ستنجح الأطراف المعنية في اغتنام هذه الفرصة التاريخية لتحقيق تسوية سياسية عادلة وسلمية للنزاع حول الصحراء.