قالت سندس صبري، أستاذة علم الاجتماع، خلال لقاء نظمه اتحاد العمل النسائي، إن واقع الحركة النسائية المغربية اليوم يعكس مفارقة لافتة بين غزارة النضال واستمراريته من جهة، وتعثر نتائج التغيير من جهة ثانية، مشيرة إلى أن ما وصفته بـ”السجل البرفوماتي” لهذا النضال يختزل إحساسًا بالتعب والإرهاق والملل، رغم مرور أكثر من أربعة عقود على انطلاق هذا المسار.
وفي مداخلتها، التي اتسمت بنبرة تحليلية حادة، شددت صبري على أن كل المؤشرات الحالية لا تبشّر بما كانت تتطلع إليه الحركة النسائية، مستشهدة بتراجع المغرب في مؤشر الفجوة بين الجنسين، إذ انتقل من المرتبة 134 سنة 2022 إلى المرتبة 136 سنة 2024 ضمن 170 دولة، وهو تراجع يعكس – برأيها – غياب أثر ملموس للإصلاحات المعلنة. وتساءلت: “إذا كانت دول أخرى تشهد تقدمًا مستمرًا، فما الذي يحدث في بلدنا؟”|
ولفهم هذا التعثر، لجأت صبري إلى قراءة علمية تستند إلى مفهوم “مقاومة التغيير” كما صاغه كيرت ليفين سنة 1950، مبرزة أن أي تحول مجتمعي، حتى حين يكون ضروريًا، يواجه تلقائيًا أشكالًا من المقاومة النفسية والاجتماعية.
وقد قارنت ذلك بما حدث خلال أزمة كورونا، حين سارع العلماء إلى إيجاد لقاحات، لكنهم اصطدموا لاحقًا برفض مجتمعي واسع، لأنهم اشتغلوا على الداء ولم يشتغلوا بما يكفي على العامل البشري.
واستحضرت صبري تجربتها الشخصية، مستذكرة كيف كانت في طفولتها عرضة للترهيب من أجل التراجع عن توقيع عريضة نسائية وهي لا تزال تلميذة في الإعدادي، دون أن تدرك حينها مضمون الوثيقة، لتكتشف لاحقًا أنها كانت خطوة نضالية سبقت وعيها، لكنها شكّلت وعيها.
وأكدت صبري أن هذا “الخوف البنيوي” من التغيير ما زال قائمًا، وأن النساء أنفسهن يربطن نيل الحقوق بعقاب أخلاقي أو ديني، مشيرة إلى أن هذا التصور لا يعكس نقصًا في الذكاء أو الوعي، بل نتيجة وصول المعلومة من قنوات ذات هيمنة ذكورية.
وختمت قائلة: “النساء لا يرفضن الحقوق، بل يخشين ما يُصوَّر لهن أنه الثمن… والخوف هو آلية اجتماعية يتم توريثها وليس شعورًا فطريًا”.