إذا تركنا العمق التاريخي لمشكلنا التنظيمي داخل الاتحاد الاشتراكي، والذي يحتاج إلى وقفة تفصيلية خاصة، فإن الذي ظل مطروحا دائما هو مشكل إدارة الخلاف الحزبي. وبدا ذلك بوضوح كبير في نازلة 1983، يقول عبد الواحد الراضي في مذكراته وسيرة حياته «المغرب الذي عشته»، ثم يضيف أن من طبعه ألا يشخص الأشياء:«لم أفضل أبدا في أحاديثي وكتاباتي أن أتحدث عن الأشخاص، ولكن في سياق الحديث التاريخي والأوطوبيغرافي، يمكنني القول إن الاتحاد الاشتراكي ظل يخسر خسارة كبيرة كلما غادره مناضلون حقيقيون. وهنا، أذكر بعض المناضلين الذين كانت لهم مكانتهم. المناضل عبد الرحمان بنعمرو مثلا بدا لي دائما، وما زالت هذه هي قناعتي، كمناضل مخلص في فكره وفي فعله. إن الصدق في السلوك السياسي أمر مهم جدا، وأقول ذلك وأكرره باستمرار: لا حقيقة مطلقة في السياسة، الأهم هو الصدق».
ويسترسل الراضي قائلا:«أي ليس المهم في أن هناك حقيقة في ما تقوله، إذ أن الحقائق، كما نعرف، دائما لها حدودها واستعمالاتها وتأويلاتها في السياسة، ولكن المهم هو هل أنت مؤمن بما تقول وما تفعل؟».
وكذلك الشأن بالنسبة لأحمد بنجلون والصادق العربي الشتوكي رحمهما الله، يضيف الراضي:«فقد كانا يمتلكان قدرا كبيرا من الإيمان بما كانا يقولانه ويمارسانه. كان لهما هذا الصدق الذي أتحدث عنه في الممارسة النضالية والعمل السياسي، والأمر نفسه بالنسبة لإخوتنا من أمثال محمد الساسي وخالد السفياني وآخرين، إنهم مناضلون نزهاء وجديرون بالاحترام مهما كان شكل أو حجم الاختلاف معهم».