الرئيسية / نبض المجتمع / لم ينفذها منذ سنة 1993.. متى يحسم المغرب في إلغاء عقوبة الإعدام؟

لم ينفذها منذ سنة 1993.. متى يحسم المغرب في إلغاء عقوبة الإعدام؟

نبض المجتمع
أمين طاهر 19 مارس 2023 - 14:30
A+ / A-

توقف المغرب عن تطبيق عقوبة الإعدام منذ 1993، وهو أمر يعكس مساره الجديد في التوجه نحو العدالة الانتقالية، وبدء مرحلة جديدة، وفق مراقبين، تقطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.

ورغم أنّ الإعدام مقنن في كثير من الدّول، إلاّ أن الكثير من الأصوات الحقوقية والمؤمنة بحقوق الإنسان، لازالت تعتبر الحكم بالإعدام، شكلاً من أشكال المحاكمة غير العادلة في أقصى تجلياتها، حتى ولو كان قضاتها عادلون، من ناحية أخرى، يدفع البعضُ بأنّ جرائم الإرهاب والبيدُوفيليا تدلّ على “همجية” و”وحشية” الكائن الإنساني و”فظاعته” في حدّها الأقصى، لذلك يبقى الإعدام هو العقوبة المناسبة للمتهم أو الجاني.

من منا لا يتذكّر حادثة اغتصاب الطفل عدنان بوشوف وقتله ودفنه بحفرة قرب منزله، بطريقة وصفت بـ”البشعة”، خلال شتنبر من العام 2020؟ وقبلها حادثة ضحيّتي “شمهروش”، الطالبتين الاسكندنافيتين، اللتين تعرضتا للذبح على أيدي إرهابيين.

هذان أقرب ملفّين زمنياً، حدَث على إثرهما لغطٌ كبيرٌ في المغرب بخصوص تطبيق عقوبة الإعدام من عدمه.

انتزاع هذا الحق في الحياة، يمنع الانسان من التمتع بأي من الحقوق الأخرى… وهو ما عضّد الإيمان لدى الفَعاليات الحُقوقية بالمَغرب وغيره، بأنّ الإعدَام هو انتهَاكٌ لحقُوق الإنسَان في كُلّيتها.

بالنسبة للمغرب، تتحدد التزاماته على مستوى ضمان وحماية الحق في الحياة، في الوفاء بالتعهدات المترتبة عن انخراطه في منظومة حقوق الإنسان في علاقة بالهيئات والآليات ذات الصلة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

لكن، بالرغم من تنصيص الدستور المغربي على سمو الحق في الحياة باعتباره أول الحقوق، وحمل القانون على حماية هذا الحق، ما تزال التشريعات الوطنية اليوم تعاقب بالإعدام على العديد من الجرائم (أزيد من 36 جريمة !!)، من الحجج التي ساقها المدافعون عن الإعدام، ومنهم “حقوقيون”، أنّ القاتل لا يمكنُ أن يحاكم بالإعدام دون تنفيذ؛ إذ ليس مقبولاً، حسب بعض الحقوقيين، أن تكتوي قلوب أسر الضّحايا، بينَما القتلة ينعمون في السّجن ويأكلون ويشربون وينعمون بالحياة. الإعدام، هنا، يبقى عقوبة تتناسب في شدتها وقسوتها مع أخطر الجرائم وأشدها.

وفي هذا السياق، صرح الكاتب العام لمنظمة الوسيط لأجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، يوسف اغويركات في حديث له مع جريدة فبراير: “نحن مع الإلغاء الكلي لهذه العقوبة انتصارا للحق في الحياة، وضد العدالة الدامية والقضاء القاتل، وضد العدالة الانتقامية. وباعتبار أيضا أن الحكم بهذه العقوبة اللاإنسانية ليس لها التأثير الرادع كما قد يعتقد البعض، فهي لا تمنع من ارتكاب الجرائم الخطيرة. وأخطر ما في هذه الأحكام احتمال الخطأ القضائي الذي لا يمكن إصلاحه في حال تنفيذها”.

وأشار اغويركات أن منظمة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان تنطلق في مقاربتها لهذا الموضوع الحقوقي الشائك، شأنها شأن كل جمعيات حقوق الإنسان عبر العالم، “من مفهوم الحق في الحياة، الذي هو أسمى الحقوق، وتشكل حمايته الفعالة شرطا حاسما للتمتع بجميع الحقوق الأخرى، وبدونه لا يمكن التمتع بأي منها، إذ يعتبره القانون الدولي لحقوق الإنسان حقاً أساسياً، لا يجوز معه الحكم بالإعدام إلا مع احتياطات تتعلق بالجرائم الخطيرة وشروط ترتبط بالضمانات الضرورية للمحاكمة العادلة. وإذا كان التأسيس لمقتضيات المادة 6 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يعلن صراحة في الفقرة الأولى سمو الحق في الحياة بالنسبة لجميع الناس، فإن الفقرة الثانية تضع الاشتراطات على الدول التي تحكم بعقوبة الإعدام، بما يؤطر المراحل الانتقالية لها وهي تتجه نحو الإلغاء، لأن الحق في الحياة يعتبر حقا أصيلا في كل إنسان وأساسيا له”.

ويضيف المتحدث: “إذا كان القضاء المغربي يقضي بعقوبة الإعدام، فإنه لا ينفذها منذ 1993. وبتالي فهو قد أوقف العمل بهذه العقوبة، ونتطلع إلى إلغائها من التشريعات الوطنية، مع ما يواكب ذلك من تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز المحاكمة العادلة، كخطوة في اتجاه تملك المداخل الصحيحة لولوج نادي الأمم المؤمنة بكرامة وحرية الإنسان كنتاج تاريخي للفكر التنويري، والتي تنعم فيه شعوبها بالحرية والكرامة والعدالة والمساواة في تناغم قوي وخلاق بين قيم الحق والواجب.”

جدير بالذكر أن الوسيط لأجل الديمقراطية وحقوق الإنسان سبق وجدد مطلبه بإلغاء عقوبة الإعدام من التشريع الجنائي المغربي، في 22 يوليوز 2022 بمناسبة بدأ سريان العمل بالبرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الخاص بتقديم الشكاوى، والبرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المتعلق باختصاص تقديم شكاوى الأفراد وإجراء التحقيقات.

وأكد اغويركات أن الترافع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام هو أحد المطالب الأساسية ضمن الأجندة الترافعية للوسيط وللحركة الحقوقية بالمغرب، فقد “كان محط العديد من تقاريرنا ومذكراتنا وبلاغاتنا، كما كان موضوع توصيات وملاحظات مقدمة للمغرب من طرف الهيئات المنشأة بموجب المعاهدات وكذا آلية الاستعراض الدوري الشامل”.

عقوبة الإعدام، ما تزال محط نقاش عالمي حول الموضوع وإشكالاته المتعددة، فهناك أصوات قوية داخل الأمم المتحدة تدعو وتشجع على إلغاء عقوبة الإعدام، وقد تجلى هذا التوجه -حسب الكاتب العام لجمعية الوسيط-في اعتماد البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

في هذا الإطار، أصدرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مجموعة من القرارات التي تطلب فيها من جميع الدول “التي لم تلغ بعد عقوبة الإعدام أن تحد تدريجيا من عدد الجرائم التي يجوز المعاقبة عليها بتوقيع الإعدام” ودعت أيضا الدول إلى النظر في وقف تنفيذ عمليات الإعدام، كما وضعت معايير لتطبيق هذه العقوبة (9 معايير).

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة