يمر “طرامواي” الدار البيضاء بلونه الأحمر المميز، من قلب ساحة الأمم المتحدة، ويختفي في دهاليز الشوارع الملتوية بقلب المدينة الصاخبة، يظهر بوضوح برج ساعة الدار البيضاء، المجاور لـ«باب مراكش» الشهير.
غير بعيد عن محطة “الطرامواي”، تقع المدينة القديمة التي تضم أعرق الأحياء التاريخية لمدينة بالدار البيضاء، القلب النابض للعاصمة الذكية، والتي تعيش هذه الأيام على وقع قرارات هدم المنازل بمجموعة من الأحياء، حيث أقدمت السلطات المحلية بعمالة مقاطعات آنفا، منذ أيام على هدم مجموعة من البنايات المتهالكة، الشيئ الذي خلف قلقا وسط الساكنة خاصة فيما يتعلق بوضعهم الاجتماعي بعد هدم منازلهم بمبرر أنها آيلة للسقوط.
هذا، وقامت السلطات المحلية بمدينة الدار البيضاء، في وقت سابق بإعلام الساكنة لإخلاء المكان والترحيل إلى مكان آخر، على اعتبار أن المنازل مصنفة ضمن الدور الآيلة للسقوط التي تشكل خطرا على الساكنة و والمارة، كما قامت أمس الإثنين بإغلاق الممرات التي تؤدي إلى المنازل المتهالكة بسياج حديدي.
وفي هذا السياق، عبر العديد من المواطنين المتضررين عن تخوفهم من التشرد الذي بات يحوم فوق رؤوس عائلاتهم، مؤكدين على أن السلطات قامت بعمليات الإفراغ والهدم دون تعويض المتضررين بمساكن جاهزة للإيواء.
ويشار إلى أن هذا القرار يتزامن مع قرار مسؤولي عمالة أنفا التعجيل بإنجاز ممر المحج الملكي، عن طريق اعتماد مقاربة جديدة لاستهداف سكان المنازل المقامة فوق الممر بشكل خاص، عوض استهداف سكان جميع المناطق المحيطة.
وبالتالي، فإن عمالة أنفا قررت التعامل بشكل واقعي مع مشروع المحج الملكي، لإخراج هذا المشروع الملكي إلى حيز الوجود.
ومازالت السلطات المحلية التابعة لمقاطعة سيدي بليوط بمدينة الدار البيضاء، تستمر في عملية هدم منازل قديمة جدا وآيلة للسقوط، بالمدينة القديمة.
وكانت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة قد كشفت أنه جرى جرد 39 ألفا و500 منزل آيل للسقوط وإجراء خبرة على 6000 بناية، كحصيلة سجلتها سنة 2023.
وأبرزت الوزارة، حسب عرض قدمه الكاتب العام للجهة الوصية على قطاع التعمير في البلاد، في مجلس النواب، دجنبر الماضي، أنه جرى تسجيل 4000 بناية مهددة بالسقوط في جهة الدار البيضاء-سطات.
ويشار إلى أن ثلاث جلسات من دورة شهر يناير التي تأخرت لمرتين لعدم اكتمال النصاب القانوني، أعطت رئيسة مقاطعة سيدي بليوط، كنزة الشرايبي، الساكنة المتضررة من الهدم، الحق في الحضور لدورات المجلس من أجل الإنصات إليهم، لكن سرعان ما تم الاحتجاج داخل الجلسة على إقصاء هؤولاء من عملية الإحصاء للاستفادة.
وفي الدورة العادية لمجلس مقاطعة سيدي بليوط التي انعقدت في 16 يناير 2024، حضر المتضررين بالمدينة القديمة وعبروا عن آرائهم بخصوص قرارات الهدم، وطالب أحد المتضررين بضرورة إنزال تعليمات الإرادة الملكية للملك محمد السادس من أجل الوصول إلى حل جذري، مضيفا أن التماطل والتلاعب في ملفات إعادة التعمير كان سببا في تأخير الاستفادة من السكن اللائق والعيش الكريم.
وحمل المتضررين الحاضرين رئيسة مقاطعة سيدي بليوط مسؤولية عدم القدرة على أداء المهام التي كلفت بها منذ توليها المنصب، داعين إلى إيجاد حل للأوضاع المزرية التي أصبح يعيشها سكان “المدينة القديمة” بسبب هدم منازلهم، مع ضرورة منحهم السكن اللائق أو تعويضات لكراء سكن ملائم.
ويصل العدد الإجمالي للبيانات الموجودة بالمدينة القديمة 3644، وقد خضعت 3537 بناية للخبرة التقنية، في حين لم تخضع 107 بناية للخبرة التقنية. كما يصل العدد الإجمالي للدور الآلية للسقوط موضوع قرار الهدم الكلي إلى 792 منزلا وأن العدد الإجمالي للدور الآيلة للسقوط التي تم هدمها كليا هو 257 منزلا، أما العدد الإجمالي للدور الآيلة للسقوط المتبقية فيمثل535 بناية.
جماعة الدار البيضاء، قررت في وقت سابق تخصيص ما يناهز 23 مليون درهم لعملية هدم المباني الآيلة للسقوط، التي ستتكلف بها شركة الدار البيضاء للإسكان والتجهيز.
كما كانت الوكالة الحضرية للدار البيضاء قد كشفت، في وقت سابق، أن 3100 أسرة فقط من أصل 9250 أسرة كانت مهددة بالموت في المدينة القديمة جراء استقرارها في منازل مهددة بالانهيار، استفادت من السكن اللائق وهو مما يشكل 34 في المائة.
وتجدر الإشارة إلى أن السنة الماضية، كلفت 25 ألف بناية آيلة للسقوط بالمغرب، 7 مليارات درهم، حيث كشفت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة عن رصدها ل 25 ألف بناية آيلة للسقوط بمختلف مدن المملكة، مؤكدة أن الجهود متواصلة بهدف حل المشكل، والذي كلف ميزانية المغرب ولحد الساعة، أزيد من 7 مليارات درهم.
وأوضح يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، الذي ناب عن فاطمة الزهراء المنصوري الوزيرة المسؤولة عن القطاع، في الرد على أسئلة المستشارين، أن المغرب وقع 78 ألف اتفاقية في مجال البنايات الآيلة للسقوط، وتحملت الوزارة مبلغ 2 مليار درهم من مجموع ما صرفه متدخلون كثر في القطاع.
وقال السكوري إن المغرب عالج مشكل 16 ألف بناية آيلة للسقوط من أصل 41 ألفا، كما عمل على حل مشكل 40 ألف أسرة من أصل 76 ألفا تعيش في منازل تعاني من إمكانية السقوط، مبرزا أن الحكومة جهزت برامج جهوية عديدة من أجل حل المشكل، مبرزا أنه تم رصد 6000 بناية آيلة للسقوط بجهة الرباط سلا القنيطرة، و10000 بطنجة تطوان الحسيمة، فضلا عن 4000 أخرى بجهة الدار البيضاء سطات.
ويذكر أنه رغم الإجراءات والتعليمات التي أعطيت للمسؤولين وتعاقب المنتخبين، إلا أنه لم يتم حلها منذ عدة سنوات، مما يضع مئات العائلات أمام خطر حقيقي، وخاصة بعد حصول العديد من الحوادث التي خلفت ضحايا بالعشرات، ولازالت إلى حد الآن العديد من أحياء المدينة القديمة بالدار البيضاء تعاني من آفة المنازل القديمة المهددة بالسقوط.
