لن يكون مقبولا تناول النقاش العمومي حول ورش مراجعة مدونة الأسرة دون أن نمنح، المسؤول الحكومي السابق، محمد سعيد السعدي، مبدع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ذات 1999، الحيز الزمني الأكبر للحديث وإبداء رأيه في الموضوع والقضية المفصلية، وفق تعبيره.
في بداية الحوار، أشاد كاتب الدولة المكلف بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة في حكومة التناوب، بالنقاش العمومي حول مراجعة مدونة الأسرة، رغم ما صاحبه من انحرافات وتجاوزات، خاصة من طرف المنتسبين للإسلام السياسي.
واعتبر السعدي أن مراجعة مدونة الأسرة ملف أساسي وحساس بالنسبة لمستقبل المغرب.
وأكد السعدي أن عدم المساواة بين الرجل والمرأة يدفع المجتمع المغربي ثمنه غاليا على مستوى القيم الديموقراطية والتنمية البشرية.
ودعا القيادي البارز في حزب التقدم والاشتراكية إلى إيلاء الملف ما يستحق من أهمية باعتباره قضية استراتيجية في تطور المغرب.
ولم يفوت كاتب الدولة المكلف بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة سابقا الفرصة دون الحديث عن التجاوزات التي صاحبت النقاش العمومي حول الموضوع المذكور، لكن، يشدد السعدي، ليس بحجم التجاوزات التي صاحبت ورش مراجعة مدونة الأسرة في عهد حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي.
وينظر السعدي بعين التفاؤل الحذر إلى تطور النقاش حول مراجعة مدونة الأسرة، حيث تبرز معالم إيجابية، خصوصا فيما يتعلق بالمرجعية والمسار السياسي للمغرب منذ إعلان الخطة الوطنية لإدماج المغرب في التنمية.
في الحوار ناقش المسؤول الحكومي السابق تشكيلة اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة وقارنها بنظيرتها سنة 2003، كما سلط الضوء على السياق السياسي الحالي والسابق، وكذا دور إمارة المؤمنين في فتح باب الاجتهاد في ظل مقاصد الشريعة الإسلامية.
وبفكر نقدي، قدم السعدي قراءة موضوعية لمسار القوانين المنظمة للأسرة، وكذا الثغرات والمطبات التي ظهرت في مسار تطبيق مدونة الأسرة الحالية طيلة 20 سنة، حيث ظهر جليا حتمية مراجعتها نظرا للتحولات المجتمعية العميقة، وضرورة قوانين منصفة وملائمة للواقع الحالي.
وانتقد السعدي محاولة فرض قراءة متحجرة للدين الاسلامي في ظل إمكانية الاجتهاد المحمود بما لا يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار الحرص على رفع التمييز الذي يطال نصف المجتمع.
وسجل كاتب الدولة المكلف بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة سابقا تراجع المغرب في إقرار حقوق النساء، حيث تورد تقارير دولية تؤكد أن المغرب لا زال بعيدا عن تحقيق المساواة بين الجنسين.
في سياق متصل، انتقد السعدي غياب ورش إصلاح مدونة الأسرة في برامج ومشاريع الأحزاب المغربية، بحجة أن مجال حكر على الملك بصفته أميرا للمؤمنين، علما أن دستور المغرب ينص على دور الحكومة في التقدم بمقترحات مشاريع قوانين.
وتأسف السعدي عن غياب المبادرة وتراجع الفاعل السياسي في القيام بأدوراه كقوة اقتراحية تواكب متطلبات المجتمع المغربي، وقضاياه الرئيسية.
