أبرز المهندس والكاتب المغربي، سعيد الغماز، الاهتمام بفهم أعمق للتنمية والتقدم البشري، بناء على خلفيته الأكاديمية المتنوعة التي تجمع بين الهندسة وإدارة الأعمال، حيث قدم رؤية فريدة تربط بين التاريخ والحاضر والمستقبل.
سعيد الغماز، الحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة كاين الفرنسية، لم يكتف بتخصصه الهندسي في مجال الاتصالات، بل توسع في اهتماماته ليشمل البحث في مجالات التنمية والتقنيات الحديثة للمعلومات والاتصال.
هذا التنوع في الخلفية العلمية والعملية انعكس بشكل جلي في مؤلفاته وآرائه.
وفي حوار له مع موقع “فبراير”، وفي كتابه “الاتصالات في المغرب: مائة عام من التاريخ”، رسم الغماز صورة شاملة لتطور قطاع الاتصالات في المغرب.
وفي هذا السياق بدأ الكتاب منذ عام 1883، حين شهدت مدينة طنجة إقامة أول شبكة هاتفية في البلاد، مكونة من ثلاثة هواتف يدوية فقط.
كما الغماز الانتباه إلى أن هذا التطور جاء بعد سبع سنوات فقط من اختراع الهاتف على يد غراهام بيل في عام 1876، مما يدل على سرعة انفتاح المغرب على التقنيات الحديثة آنذاك.
يتتبع الكتاب، ما يوضح المتحدث، مسيرة تطور الاتصالات في المغرب عبر القرن العشرين وصولا إلى العصر الحالي، عصر الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
لكن اهتمامات الغماز لا تقتصر على مجال الاتصالات فقط. في كتابه “النموذج التنموي في المغرب”، يقدم رؤية مبتكرة للتنمية تتجاوز المفاهيم التقليدية. حيث حدد الغماز ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية: البعد الحضاري، البعد التاريخي، والبعد الإنساني.
كما ركز بشكل خاص على البعد الإنساني، مؤكدا أن التقدم البشري هو نتاج تراكمي لجهود البشرية جمعاء عبر العصور. يستشهد بدراسة للباحث الأوروبي بيير تديو، الذي يرى أن التطور التكنولوجي الحالي في أوروبا له جذور تمتد إلى 3000 سنة قبل الميلاد..
وقال الغماز: إن الذكاء الاصطناعي، أحدث ما توصلت إليه البشرية في مجال التكنولوجيا. يشير إلى أن جذور هذا العلم تمتد إلى أعمال العالم المسلم الخوارزمي في القرن التاسع الميلادي.
لكن الغماز لا يطرح هذه الأفكار من باب التمجيد التاريخي فحسب، بل كمدخل لطرح سؤال جوهري: “لماذا تقدم أجدادنا وتأخرنا نحن؟” وهو تحوير للسؤال الشهير الذي طرحه محمد عبده في بداية القرن العشرين: “لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟”
هذا السؤال يقود الغماز، حسب مت كسف عنه، إلى البحث في مجالات أخرى كالفلسفة، حيث يعد كتاباً بعنوان “رحلة في الفلسفة” من المقرر صدوره في نهاية هذا العام. ويؤكد الغماز أن اهتمامه بالفلسفة والتاريخ ليس من باب الترف الفكري، بل هو جزء من رؤيته الشاملة للتنمية.
