أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا يؤكد دستورية التعديلات الجديدة التي أقرها مجلس النواب على نظامه الداخلي، حيث تشمل هذه التعديلات، التي تهدف إلى تعزيز السلوك الأخلاقي داخل المؤسسة التشريعية، إقرار مدونة جديدة للأخلاقيات البرلمانية، تلزم النواب باحترام مجموعة من المبادئ والقواعد التي تضمن النزاهة والشفافية في عملهم.
تأكيد دستوري على إلزامية المدونة
وفي قرارها، أكدت المحكمة الدستورية أن التعديلات الجديدة التي أُدخلت على النظام الداخلي لمجلس النواب، بما في ذلك مدونة الأخلاقيات، لا تتعارض مع الدستور المغربي، حيث شددت المحكمة في قرارها على أن هذه المدونة ذات طابع قانوني ملزم، مما يعني أن جميع النواب ملزمون بالامتثال لمقتضياتها.
وأوضحت المحكمة أن الهدف من المدونة هو إرساء معايير سلوكية محددة يجب أن يلتزم بها أعضاء مجلس النواب لضمان نزاهة العمل البرلماني وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسستهم التشريعية.
وتهدف مدونة الأخلاقيات البرلمانية إلى السمو بالعمل البرلماني من خلال تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على أي حسابات حزبية ضيقة.
وتسعى المدونة إلى تخليق الحياة البرلمانية بحيث يكون أداء النواب متوافقاً مع القيم الديمقراطية وروح المسؤولية.
كما تسعى المدونة إلى تمكين مجلس النواب من أداء دوره كاملا في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون، وتعزيز ثقافة المشاركة والحوار، وزيادة ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة.
تأسيس لجنة الأخلاقيات البرلمانية: آلية لضبط السلوك
وتنص التعديلات الجديدة على إنشاء لجنة خاصة بتتبع تطبيق مدونة الأخلاقيات البرلمانية، تضم أربعة أعضاء من مجلس النواب، بينهم عضوان من المعارضة.
وتتمثل مهام هذه اللجنة في التحقق من المخالفات التي قد يرتكبها النواب والتي تنتهك مقتضيات مدونة الأخلاقيات.
وتقوم اللجنة بإبلاغ مكتب المجلس بالمخالفات المرتكبة، وتقديم توصيات بشأن الإجراءات التأديبية المناسبة. كما توفر اللجنة الاستشارات لأعضاء المجلس حول كيفية الامتثال للمدونة.
كما تلزم مدونة الأخلاقيات النواب بتمثيل الأمة بأمانة وإخلاص، مع الحفاظ على ثقة المواطنين وتعزيزها. تُلزم المدونة النواب بالتحلي بخصال الاستقامة والنزاهة والشرف والمروءة، وتمنعهم من التحريض أو التشجيع على القيام باحتجاجات غير مشروعة. كما تفرض المدونة على النواب التعبير عن آرائهم بلباقة واحترام، وتجنب استخدام أي ألفاظ أو عبارات تحمل تهديداً أو استفزازاً أو شتماً.
ضوابط مالية صارمة لضمان الشفافية
وتضع المدونة أيضًا قواعد صارمة لضمان الشفافية في التعاملات المالية للنواب، حيت تنص على ضرورة أن يصرح النواب بأي تعارض بين مصالحهم الشخصية وواجباتهم البرلمانية. كما تمنعهم من قبول أي هدية أو منفعة لم يكن ليتلقوها لولا صفاتهم البرلمانية.
وفي حال تلقيهم هدايا تزيد قيمتها عن تعويضهم البرلماني الشهري، يجب على النواب التصريح بها لمكتب المجلس.
كما تنص على ضرورة إيداع الهدايا التي يتلقاها النواب من المؤسسات الوطنية أو الدولية، في إطار مهامهم الرسمية، في متحف خاص بمجلس النواب.
ورغم إشادتها بمدونة الأخلاقيات، أكدت المحكمة الدستورية أن مهمة تطبيق المدونة تقع على عاتق لجنة الأخلاقيات البرلمانية ورؤساء الفرق والمجموعات النيابية.
وأشارت المحكمة إلى ضرورة أن تظل مهام هذه الأطراف ضمن نطاق توضيح وتطبيق مقتضيات النظام الداخلي، دون تجاوز هذا الإطار القانوني.