على ساحل المحيط الأطلسي، تتربع قرية صيد بسيطة تُعرف باسم الخير، هنا، تربى مصطفى، الملقب بـ”نوفيرا“، الشاب الذي اختاره البحر ليكون أسطورة في هذه المنطقة.
مصطفى، الملقب بـ”نوفيرا”، كان شغوفًا بالبحر منذ نعومة أظفاره. كان يقضي ساعات طويلة في مياهه، صيد الأسماك وإنقاذ الغرقى، وتحول هذا الشغف إلى موهبة حقيقية، فأصبح مصطفى محترفًا في السباحة والغوص، يتقن خبايا البحر ويتحكم في أمواجه.
يقول أصحابه في تصريحاتهم لموقع “فبراير.كوم”، لم تكن علاقة مصطفى بالبحر مجرد هواية عادية، كان هناك ارتباط روحي عميق بينهما، يروي الأهالي كيف كان مصطفى ينادي على البحر كما ينادي على صديق قديم، وكيف كان يستشعر أحواله الداخلية ويستنشق ما لا يستطيع الآخرون إدراكه.
كان البحر بالنسبة له كيان حي له روح وأسرار. هذا الارتباط الوثيق مكّن مصطفى من أن يصبح بطلاً حقيقيًا في قريته.
فقد أنقذ العديد من الغرقى، حتى في أشد الظروف خطورة. كان يغوص في البحر الهائج ويخرج بالضحايا سالمين إلى البر. لم يكن يفكر في مخاطر حياته، بل كان يدفع بنفسه نحو الموت ليعيد الحياة للآخرين.
حسب ما أفاد به أصدقاءه. لم يكن مصطفى يبحث عن المال أو الشهرة، كان هدفه الوحيد إنقاذ من يواجه الموت في أمواج البحر. فقد كان ينتمي إلى طبقة فقيرة في القرية، لكن هذا لم يمنعه من التبرع بصيده لعائلته وأصدقائه.
كان يرى في ذلك واجبًا أخلاقيًا لا يمكن التنازل عنه. لقي مصطفى مصرعه أثناء محاولة إنقاذ آخر ضحية. فقد دخل البحر الهائج ولم يعد. بقي مصيره ملتبسًا بين الحقيقة والخيال، كما هو الحال مع الأساطير.
فالبعض يقول إنه غرق، والبعض الآخر يؤمن أنه لا يزال حيا في أعماق البحر، يراقب قريته ويحميها. لم يبق من مصطفى سوى ذكرياته العطرة وحكاياته التي تتناقلها الأجيال. فقد أصبح رمزا للتضحية والإيثار في هذه القرية الساحلية.
وسيظل اسمه مرتبطا إلى الأبد بهذا البحر الذي أحبه وضحّى من أجله.