قدمت زينب العدوي، الرئيسة الأولى للمجلس الأعلى للحسابات، تقريرًا شاملاً أمام البرلمان المغربي حول جهود محاربة الأمية خلال الفترة الممتدة من 2023 إلى 2024، مؤكدة أن هذه الجهود لم تحقق النتائج المرجوة للقضاء على هذه الظاهرة على الرغم من الموارد المالية الكبيرة والاستراتيجيات المعتمدة.
وأوضحت العدوي أن الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، التي خصصت لها ميزانية تقارب ثلاثة مليارات درهم بين 2015 و2023، لم تتمكن من تحقيق التأثير المطلوب، مشيرة إلى أن أكثر من تسعة ملايين مغربي فوق سن الخامسة عشرة لا يزالون أميين، مما يعكس تحديات كبيرة تواجه هذا الملف.
وأفاد التقرير بأن معدل الأمية في المغرب ما يزال مرتفعًا، حيث بلغ 34.2% في عام 2021، وهو رقم يشير إلى تأخر في تحقيق الأهداف الوطنية، على الرغم من الجهود المبذولة منذ إطلاق الاستراتيجيات الوطنية لمحاربة الأمية.
وأظهر التقرير أيضًا أن الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لم تعتمد بعد نهجًا ترابيًا يأخذ بعين الاعتبار التفاوتات الجغرافية والاجتماعية بين جهات المملكة، مما أدى إلى فجوات في تنفيذ البرامج وضعف الفعالية.
وفي تعليقه على هذه الإشكاليات، أشار الخبير التربوي عبد الناصر الناجي إلى أن برامج محاربة الأمية تعاني من قصور هيكلي يتجلى في غياب سياسات مستدامة تضمن استمرارية التعلم وتطوير المهارات.
وأوضح أن الشهادات الممنوحة للمستفيدين تظل رمزية ولا تؤهلهم للتقدم في مسارات تعليمية أو مهنية، مما يؤدي إلى عودة نسبة كبيرة منهم إلى صفوف الأميين. كما نبه إلى ضعف انخراط القطاع الخاص في دعم هذه الجهود، حيث تظل العديد من المؤسسات مترددة في تقديم التسهيلات اللازمة لتمكين العمال الأميين من الاستفادة من برامج التكوين.
وتطرق التقرير إلى أوجه القصور في تنفيذ ومتابعة البرامج، حيث بلغ متوسط الأداء المالي للوكالة الوطنية حوالي 29% فقط من مجموع النفقات الملتزم بها، مما أدى إلى تراكم ديون بلغت 584 مليون درهم بحلول عام 2022.
كما أشار التقرير إلى أن العديد من التلاميذ في المدارس المغربية يعانون من ضعف في التحصيل الدراسي، حيث أن حوالي 80% من تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي يعجزون عن قراءة نص بسيط، في حين يغادر 350 ألف طفل المدرسة سنويًا دون إتمام التعليم الإلزامي، مما يزيد من احتمالية انضمامهم إلى صفوف الأميين.
ودعت العدوي في ختام عرضها إلى ضرورة التفكير في حلول مبتكرة لتحسين فعالية برامج محاربة الأمية، مع التركيز على تعزيز جودة التعليم الإلزامي واعتماد استراتيجيات تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية.
وشددت على أهمية تطوير آليات تنفيذ ومتابعة دقيقة لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، مؤكدة أن معالجة هذه التحديات تتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين وتحقيق تكامل بين مختلف المؤسسات المعنية بهذا الورش الوطني.