بوشمال: قرار الطالبي العلمي ضد ريم شباط مخالف للدستور وسابقة تاريخية تهدد حرية النواب
أثارت إحالة النائبة البرلمانية ريم شباط على لجنة الأخلاقيات من قبل رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي جدلا واسعا في الأوساط السياسية والقانونية، حيث اعتُبر القرار سابقة غير مبررة دستوريًا.
وجاءت الإحالة بعد مداخلة النائبة البرلمانية خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة، التي تطرقت فيها إلى وضعية النقل الحضري في مدينة فاس، وهو ما اعتبرته رئاسة المجلس تجاوزًا لاختصاص البرلمان في مساءلة الحكومة حول قضايا تدخل ضمن صلاحيات الجماعات الترابية.
في هذا السياق، تفاعل الدكتور خالد بوشمال، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، مع القضية، مؤكدًا أن القرار يفتقر إلى أي سند قانوني واضح، مشيرًا إلى أن مداخلة النائبة لم تتضمن أي إخلال بالضوابط الأخلاقية التي يفرضها النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأضاف أن استناد رئيس المجلس إلى الفصلين 135 و141 من الدستور لا يمنع مناقشة القضايا الجماعية داخل البرلمان، خاصة وأن النقل الحضري، رغم كونه مرفقًا جماعيًا، يخضع لمراقبة وزارة الداخلية، التي لا يمكن للجماعات اتخاذ قرارات بشأنه دون موافقة السلطة الوصية.
وأوضح أن القانون التنظيمي للجماعات ينص على أن النقل العمومي الحضري مرفق جماعي، لكنه في الوقت نفسه يخضع لمراقبة وزارة الداخلية، إذ لا يمكن تنفيذ قرارات الجماعة بخصوصه إلا بعد تأشير عامل العمالة أو الإقليم، كما أن تفويض تدبيره يتم بموافقة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.
وبذلك، فإن تناول هذا الملف داخل المؤسسة التشريعية لا يعد خروجا عن اختصاص البرلمان، بل يدخل ضمن دوره الرقابي على الحكومة وفق الفصل 70 من الدستور.
وأشار إلى أن مجلس المستشارين نفسه ناقش ملف النقل الحضري دون أن يُثار أي جدل حول الاختصاصات، حيث تحدث وزير الداخلية خلال جلسة 25 يناير 2025 عن مخطط حكومي لتطوير قطاع النقل الحضري، باستثمار يصل إلى 11 مليار درهم في الفترة الممتدة من 2025 إلى 2029، يشمل عدة مدن مغربية، من بينها فاس، مما يبرز بوضوح أن هذا الملف ذو طابع وطني وليس مجرد شأن جماعي محلي.
وفي ما يتعلق بإحالة النائبة على لجنة الأخلاقيات، تساءل الدكتور بوشمال عن الأساس القانوني لهذا القرار، مؤكدًا أن اللجنة أحدثت بموجب المادة 68-1 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وهي تختص بمتابعة مدى التزام النواب بمدونة الأخلاقيات البرلمانية، والتي تشمل التصريح بالممتلكات، تجنب تضارب المصالح، الامتناع عن استغلال الصفة النيابية لمصالح شخصية، واحترام القواعد المتعلقة بالحضور والمشاركة الفعالة في أشغال البرلمان.
وبما أن مداخلة البرلمانية شباط لا تندرج ضمن أي من هذه المخالفات، فإن الإحالة تفتقد لأي مبرر قانوني، وكان من الأجدر عرض الموضوع على مكتب المجلس قبل اتخاذ أي قرار بشأنه.
ويرى الدكتور بوشمال أن ما حدث يعد سابقة في العمل البرلماني المغربي، حيث يطرح تساؤلات حول مدى احترام المساطر القانونية داخل المؤسسة التشريعية، خاصة أن القرار يمكن أن يشكل سابقة خطيرة تؤدي إلى تقييد حرية النواب في مساءلة الحكومة حول قضايا تدخل ضمن صلاحياتها، كما أن توقيت الإجراء يثير الشكوك حول أبعاده السياسية ومدى تأثير الحسابات الحزبية على سير العمل التشريعي، خاصة في ظل اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.