عبّرت الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب عن رفضها لعدد من الإصلاحات الحكومية التي اعتبرتها “متسرعة وتمس بشكل مباشر استقرار مهنة الصيدلة”، وعلى رأسها تعميم اتفاقية الطرف الثالث المؤدي (TPA) ورقمنة الوصفات الطبية، معتبرة أن هاتين المبادرتين تفتقران إلى مقومات الإنصاف والتشاركية، وقد تؤديان إلى إضعاف المنظومة برمتها إذا لم يتم تدارك اختلالاتهما.
في بيان شديد اللهجة، نددت الفيدرالية بطريقة تنفيذ نظام TPA، مشيرة إلى أنه أحدث ارتباكًا واسعًا داخل القطاع، وأخل بمبدأ المساواة بين الصيدليات، حيث يتسبب في توجيه المرضى بشكل غير عادل إلى بعض الصيدليات دون غيرها، ما يمنحها امتيازات على حساب أخرى.
ورغم تنصيص الاتفاقية على منع هذه الممارسات، إلا أن الجهات المعنية – بحسب الفيدرالية – لم تبادر إلى اتخاذ أي إجراءات حازمة لوقفها.
وأشارت الهيئة ذاتها إلى أن التكوين المخصص لتأطير الصيادلة بشأن آليات العمل بنظام الطرف الثالث المؤدي بقي دون المستوى، حيث لم يُنظم سوى ثلاث دورات منذ إطلاقه، ما أثر سلبًا على فهم الصيادلة لمقتضياته التقنية والإدارية.
كما كشفت عن نيتها مناقشة إمكانية إلغاء الاتفاقية بصيغتها الحالية خلال اجتماعها المقبل.
القلق ذاته امتد إلى مشروع رقمنة الوصفات الطبية، حيث عبّرت الفيدرالية عن “استغرابها الشديد من غياب أي تشاور مع المهنيين قبل الشروع في هذا الورش”، مؤكدة أن الرقمنة، رغم أهميتها، تتطلب بنية تحتية قوية وضمانات تشريعية واضحة حتى لا تتحول إلى عبء إضافي على الصيادلة، لا سيما في المناطق النائية التي تفتقر لأبسط وسائل الربط الرقمي.
واعتبرت الفيدرالية أن رقمنة الوصفات تمثل تحولًا حساسًا لا يمكن تدبيره بقرارات فوقية، دون إشراك مباشر للهيئات الممثلة للمهنيين. فإلى جانب غياب الاستعداد التقني لدى عدد من الصيدليات، تأتي التكاليف الباهظة التي تفرضها هذه العملية، من اقتناء الأجهزة، وصيانتها، والاشتراك في الأنظمة الرقمية، ما قد يُثقل كاهل الصيدليات الصغيرة ويهدد باندثار بعضها.
وحذّرت الفيدرالية من تداعيات الأعطاب التقنية وانقطاع الإنترنت، والتي قد تتسبب في توقف صرف الأدوية وتعطيل مصالح المواطنين، مطالبة الحكومة بتأجيل تنزيل هذه المشاريع إلى حين توفير الشروط الضرورية لإنجاحها، وفي مقدمتها الدعم المالي والتقني، وإرساء آليات تشاركية لضمان انخراط المهنيين في تنفيذها.
وبين مخاوف التهميش والارتجال، تبدو مهنة الصيدلة اليوم في مفترق طرق، وسط دعوات ملحة إلى حوار حقيقي يؤسس لإصلاح متوازن، يراعي خصوصيات القطاع بدل فرض واقع جديد لا يملك الصيادلة فيه سوى هامش ضئيل للتفاعل.