صناديق الاقتراع هي “الفيصل” في وجود عائلة أهل الرشيد بالصحراء
أكد الدكتور سعيد بوشاكوك، المهتم بالشأن المحلي، على أن الخيار الديمقراطي وصناديق الاقتراع هي الفيصل النهائي في تحديد المشهد السياسي والتمثيلي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، داعياً إلى تجاوز “هاجس” التخوف من تأثير البنى التقليدية، ومشدداً على ضرورة فهم الخصوصية الأنثروبولوجية والثقافية للمنطقة.
وفي حديث خص به موقع “فبراير”، أوضح بوشاكوك أن الانتخابات في الصحراء، رغم كونها آلية حديثة، تتفاعل مع مجتمع له ثقافته التقليدية وتأصيله التاريخي.
وقال: “في نهاية المطاف صناديق الاقتراع هي التي ستفرز، وكل من تضرر يلجأ إلى القضاء”، مشيراً إلى أن المشاركة السياسية لا تتم كهويات قبلية مباشرة (عائلة أهل الرشيد) بل عبر “تنظيمات سياسية” وأحزاب لها هياكلها الداخلية التي تفرز لوائحها الانتخابية عبر انتخابات داخلية.
وأشار بوشاكوك إلى أن هذه اللوائح الانتخابية غالباً ما تعكس “فسيفساء” تمثيلية لمختلف المكونات القبلية، بما في ذلك الساكنة القادمة من الشمال، وإن كانت المقاعد المحدودة تفرض تحالفات داخل المؤسسات المنتخبة.
وضرب مثالاً بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس)، الذي رغم تعيين أعضائه من قبل الملك، فإن مكتبه يضم تمثيلية واسعة لقبائل الصحراء وشخصيات من الشمال، مؤكداً أن القضية ليست مرتبطة بـ”إثنية معينة”.
وتطرق الدكتور بوشاكوك إلى الجذور الثقافية والاجتماعية العميقة في الصحراء، مؤكداً على أهمية قيم “المصاهرة بين القبائل” و”التعايش” الراسخة.
واستحضر آليات تقليدية لفض النزاعات مثل “مجلس آيت أربعين” في منطقة واد نون، ودور “شيخ القبيلة” الحكيم، والمواثيق القبلية التي تنظم العلاقات، مع استثناءات واضحة كالمس بـ”الأعراض”.
ونقل عن الراحل أحمد الديهي قوله بأن “القبيلة فيها أكثر ديمقراطية” من خلال آليات الصلح وفض النزاعات.
ودعا بوشاكوك المغاربة، خاصة في الشمال، إلى “استحضار هذه المعطيات الأنثروبولوجية” ذات الخصوصية والامتدادات الإقليمية في موريتانيا والسنغال ومالي والسودان.
وأضاف: “يجب أن نوازن ونراعي هذه الثقافة التقليدية”، مؤكداً أن الانتخابات، رغم حداثتها، تتفاعل مع هذا الواقع.
واعتبر الدكتور أن ارتفاع نسب المشاركة الانتخابية في الأقاليم الجنوبية يعد “مؤشراً” على “كاريزما” النخب المحلية وقوة تأثيرها المستمدة من العلاقات الشخصية والقبلية والولاءات، مما يساهم في تحقيق “السلم الاجتماعي” بعد الانتخابات، حيث تجتمع الأطراف المتنافسة في المناسبات الاجتماعية، وهو ما وصفه بـ”ما هو وجداني إيجابي يجب أن نستثمره ولا نستغله بشكل سلبي”.
وفي تعليقه على انتخاب شخصيات من الأقاليم الجنوبية في مؤسسات وطنية كمجلس المستشارين، رأى بوشاكوك أن الأمر طبيعي ويندرج ضمن اللعبة الديمقراطية، حيث تختاره الأغلبية وتتم تزكيته، مؤكداً على ضرورة محاسبته على “الأداء والنجاعة والفعالية” في خدمة المصلحة العامة، باعتبار أن المؤسسات هي “للجميع” و”للدولة كاملة”.
وختم الدكتور سعيد بوشاكوك حديثه بالتأكيد على إيمانه الراسخ بالديمقراطية ومفهومها الشامل، قائلاً: “يجب أن نؤمن بالخيار الديمقراطي وما يفرزه، سواء قبلنا أو لم نقبل”. وأشار إلى أن الديمقراطية، كما قال الملك الراحل الحسن الثاني، “لها تكلفة وثمن”، وأن صناديق الاقتراع تبقى هي الحكم النهائي، وأن النخب التي تفرزها يجب محاسبتها على ما أنجزت وما لم تنجز.