يعد الحلزون من الكائنات التي لم تحظ باهتمام كبير في الثقافة المغربية، حيث اقتصر استخدامه تقليدياً على الطبخ وتحديداً في طبق “البلول” الشهير. لكن نادية شكري، رئيسة تعاونية مغربية متخصصة في تربية وتسويق الحلزون ومشتقاته، استطاعت أن تقتحم عالم مستحضرات التجميل من خلال استخراج هلام الحلزون وتحويله إلى منتجات تجميلية متنوعة.
تشير نادية إلى أن استخدام الحلزون في مجال العناية بالبشرة ليس حديثاً، “الحلزون معروف منذ القدم، حتى من أيام الفراعنة كانوا يأخذون الحلزونة ويدقونها بلحمها كاملة ويضعونها على الحروق”، موضحة أنه يعمل كمرمم للبشرة ويساعد على تجديد الخلايا.
وتضيف أن هذه التقنية معروفة في العديد من الدول مثل فرنسا وتونس، اللتين تطورتا في هذا المجال ليصل استخدام الحلزون حتى إلى المستحضرات الطبية، “كان هناك سيروم من كلينيك، وفي فرنسا هناك مستحضرات تأتي من هولندا، لكننا في المغرب لم نصل بعد إلى هذا المستوى”.
تشرح نادية أنها بدأت بمجال مستحضرات التجميل لتطوير منتج محلي بدلاً من تصدير المادة الخام، “أردت أن أستفيد من الحلزون وأساهم ولو بالقليل في إدخال هذه التجربة إلى المغرب، لينتفع بها المواطن المغربي، وليصل منتجنا إلى العالمية”.
تتبع التعاونية التي تديرها نادية أساليب مستدامة في تربية الحلزون واستخراج الهلام منه، “نحن نأخذه بشهادة صحية خاصة به، ونهتم بحالته المدنية من اليوم الأول”. وتشرح طريقة العمل: “نأخذ الحلزون الصغير، وننتظر حتى يكبر ويصبح بالغاً لمدة خمسة أشهر ونصف حسب المناخ، ثم نقوم بمعالجة خاصة لتنظيفه، وبعدها يدخل إلى آلة لاستخراج الهلام”.
والمهم في العملية، كما تؤكد نادية، أن الحلزون لا يتضرر، “أنا أحرص على سلامة هذا الحيوان، لا أقتله، بل آخذ الهلام فقط، ثم أعيده إلى مكانه ليستعيد قوته قبل الاستخراج التالي”.
من أهداف التعاونية أيضاً المساهمة في الحفاظ على هذا النوع من الكائنات، حيث تشرح نادية: “نحن نحارب ظاهرة انقراض هذا النوع، لأن الناس يجمعون الصغير والكبير دون أن يتركوه يكبر، مما يقضي على سلالته”.
وتضيف أن هناك عوامل أخرى تهدد الحلزون مثل “الزحف العمراني، شح المياه، قلة الأمطار، واستخدام المزارعين للأدوية التي تقتل هذا النوع”، مؤكدة أن مشروعها يساهم “بطريقة غير مباشرة في الحفاظ على استمرارية هذا الكائن إيكولوجياً”.
تشير نادية إلى تنوع المنتجات التي تقدمها تعاونيتها، من كريمات للوجه إلى منتجات للعناية بالبشرة للرجال والنساء، “كل المنتجات خالية من مواد ضارة مثل البارابين”. كما تتحدث بفخر عن آخر منتجاتها: “شاركنا في هذا المعرض بمنتج جديد وهو معجون أسنان بهلام الحلزون، يعطي نصاعة وبياضاً للأسنان ويعالج اللثة، وقد لقي إقبالاً كبيراً”.
وعن الأسعار، تقول إنها تحاول دائماً جعلها مناسبة، “أسعارنا تبدأ من 20 درهماً”، مضيفة أن هدفها ليس الربح فقط بل “التعريف بالمنتج وضمان أن يجد المستهلك نتيجة فعالة، لأن المصداقية أهم من الكمية التي تبيعها”.
تختتم نادية حديثها بدعوة لسكان أكادير والمناطق المجاورة للتعرف على منتجات تعاونيتها، “الناس في الرباط ومكناس وأماكن أخرى يعرفوننا، ونود أن يتعرف سكان أكادير أيضاً على هذا المنتج ويشجعوه لأنه مغربي 100% من إقليم تارودانت”.
وتضيف أنها ترغب في تصحيح المعلومات الخاطئة المنتشرة حول الحلزون واستخداماته، داعية الجميع للحضور إلى المعرض للتعرف أكثر على هذا المجال الواعد.
“وأشكر جميع من ساهم في نجاح هذا المشروع، وأتمنى أن يكون نموذجاً للمشاريع الصغيرة المبتكرة التي تستفيد من الموارد المحلية وتحولها إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية.”