أعلنت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن الدولة المغربية ستنتصب طرفاً مدنياً في ملف “بيع الشهادات الجامعية” الذي هز الرأي العام بأكادير، وذلك استجابة لطلب الهيئة.
ويأتي هذا التطور بعد الضجة الواسعة التي أثارتها القضية، لا سيما عقب توقيف الأستاذ الجامعي (أ.ق)، المتهم بتلقي مبالغ مالية مقابل تمكين طلبة من ولوج سلك الماستر.
وأوضحت الهيئة، أنها طالبت الوكيل القضائي للمملكة بتقديم مطالبه المدنية نيابة عن الدولة المغربية في هذا الملف، مع احتفاظها بحق ممارسة باقي الصلاحيات التي يخولها لها القانون عند الضرورة. مؤكدة أن هذا الطلب يستند إلى مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 36 من القانون المتعلق بالهيئة.
وأضافت الهيئة أنها وضعت يدها على القضية بعد ورود معلومات متطابقة حول وقائع تهم ممارسات وأفعال قد تشكل، حال ثبوتها، جرائم فساد فيما يعرف بقضية الشهادات الجامعية بكلية الحقوق بأكادير. ومع ذلك، تبين للهيئة أن الملف معروض بالفعل على القضاء، مما حال دون إمكانية النظر فيه من قبلها في الشق المتعلق بالجانب الزجري، وذلك عملاً بمقتضيات المادة 07 من القانون رقم 46.19.
تزامناً مع هذه التطورات القضائية، حلت لجنة تفتيش مركزية تابعة للمفتشية العامة لوزارة التعليم العالي، الأربعاء الماضي، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر بأكادير. وتأتي هذه الزيارة في إطار التحقيقات الجارية حول ما بات يعرف إعلامياً بقضية “الماستر مقابل المال”.
وقد باشرت اللجنة، المكونة من أربعة أعضاء، عملها بعقد اجتماعات مع عميد الكلية ومكونات إدارتها، واطلعت على ملفات التسجيل والمعطيات المرتبطة بسير مباريات الماستر خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب ملفات أخرى تتعلق بمختلف الأسلاك والشعب. وجاءت هذه الزيارة مباشرة بعد استدعاء وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، لعميد الكلية محمد بوعزيز، لمناقشة تداعيات القضية التي تعد من أبرز “قضايا الفساد” التي ضربت منظومة التعليم العالي بالمغرب.
من جهتها، أكدت جامعة ابن زهر في بلاغ رسمي أن ملف متابعة الأستاذ المتورط معروض حالياً أمام أنظار القضاء، مجددة تأكيدها على توفير جميع الشروط اللازمة من أجل التحصيل والتكوين والإشعاع، وضمان السير العادي للدراسة والتقويمات.
لكن في سياق متصل، وجهت النقابة الوطنية للتعليم العالي بأكادير اتهامات لوزارة التعليم العالي بـ”التغاضي عن تقارير تفتيش رسمية توثق خروقات تربوية وإدارية جسيمة داخل جامعة ابن زهر، رغم توصلها بها منذ سنة 2018″. ووصفت النقابة هذا التجاهل بـ”الممنهج والخطير”، معتبرة أنه ساهم في استمرار الفساد وتوسعه، مشيرة إلى أن لجان التفتيش الوزارية رصدت اختلالات واضحة في مجالات الإشراف الأكاديمي، ومنظومات الانتقاء، وتدبير الماسترات، لكن الوزارة اكتفت بالتحفظ على نتائج تلك التقارير دون اتخاذ خطوات قانونية أو إحالة الملفات على القضاء.
يُذكر أن الأستاذ بكلية العلوم القانونية بأكادير، الذي وُصف بـ”عراب” هذه الشبكة التي أُطلق عليها “المافيا الأكاديمية”، تم توقيفه من طرف مصالح الأمن يوم الثلاثاء الماضي، بأمر من قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش. ويُشتبه في تورطه في التلاعب بتسجيل الطلبة بسلك الماستر ومنح شهادات جامعية مقابل المال أو النفوذ.
وتورط في هذه الشبكة، بحسب المعطيات المتوفرة، عدد من المحامين وموظفين في قطاع العدالة وأبناء مسؤولين، إضافة إلى زوجة الأستاذ المتهم. وتعد هذه القضية من أبرز قضايا الفساد التي ضربت منظومة التعليم العالي بالمغرب.