تألق القفطان المغربي في أبهى حلله مساء الجمعة الماضي، خلال عرض أزياء استثنائي نُظم في إطار فعاليات “معرض المغرب” الذي تحتضنه مدينة درو الفرنسية (جهة سانتر-فال دو لوار) من 21 إلى 25 مايو الجاري.
تحت شعار “جهات المغرب”، قدمت المصممة المغربية المبدعة فاطمة الزهراء الفيلالي الإدريسي، مؤسسة دار الأزياء الراقية “Maison Fatim”، مجموعة استثنائية بعنوان “من الريف إلى الصحراء: روح القفطان المغربي”، أخذت الحضور في رحلة ساحرة عبر ربوع المملكة، حيث امتزجت الأصالة بالمعاصرة في لوحة فنية بديعة.
وتميزت هذه المجموعة الفريدة بالاحتفاء بالغنى الثقافي والحرفي الذي تزخر به المملكة المغربية، حيث شكل كل قفطان قطعة فنية متقنة، مطرزة يدوياً بعناية فائقة، ومزينة بالأحجار الكريمة والخيوط الذهبية والإكسسوارات الاستثنائية، في تكريم للتقاليد المحلية التي أُعيد تصورها بلمسة عصرية مبتكرة.
انقسمت التشكيلة إلى جزأين متكاملين يعكسان ثراء الثقافة المغربية. الجزء الأول قدم تصاميم عصرية مستوحاة من تنوع الجهات المغربية، حيث عكست كل قطعة ألوان ورموز وهوية عميقة لمنطقة معينة من المملكة. أما الجزء الثاني، فاحتفى بالقفاطين التقليدية العريقة، تلك القطع النادرة التي تنبض بروح التراث المغربي الأصيل، وتحمل في طياتها ذاكرة حرفية وطنية ثمينة، غنية بالتاريخ والعراقة والمشاعر.
وفي لحظة مؤثرة خلال العرض، تم تقديم قفطانين تاريخيين يعود تاريخهما لأكثر من 80 عاماً، مما أضفى على المناسبة طابعاً خاصاً. وأوضحت المصممة الفيلالي الإدريسي أن “الأمر يتعلق بقطعتين تراثيتين 100 بالمائة، مصنوعتين بعناية استثنائية، وتحملان بصمة التاريخ المغربي، وقد تم تناقلهما من جيل إلى جيل، من الأم إلى الابنة، في تجسيد لذاكرة حية وإرث ثمين”.
وعبرت المصممة المغربية عن فخرها بهذه التشكيلة قائلة: “هذه المجموعة تمثل رحلة عبر ربوع المغرب، بين الموروث والإبداع، وهي تعكس ارتباطي العميق بثقافتنا وبأناقة القفطان المغربي”.
من جانبها، أكدت القنصل العام للمملكة في أورليان، رجاء بنشجيع، أن معرض المغرب في درو يُعد أكثر من مجرد حدث ثقافي، بل يتيح انغماساً حياً في روح المغرب الأصيلة. وأضافت أن “عرض الأزياء الخاص بالقفطان المغربي يجسد رمزاً قوياً لصون الإرث الحرفي المغربي، مع إبراز قدرته على التجدد والانفتاح على الحداثة”.
وأشارت القنصل العام إلى أن “سنة المغرب في درو” تحتفي بشكل مزدوج بالتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، من خلال فنون الطبخ في كل من فرنسا والمغرب، التي سبق تصنيفها من قبل اليونسكو.
من ناحيته، أكد إيريك موين، المستشار الخاص لعمدة مدينة درو، أن عرض الأزياء “يجسد في الوقت ذاته الموروث التقليدي والحداثة التي يتميز بها القفطان المغربي”، مشيراً إلى أن هذه التظاهرة “تُعد واجهة حية وغنية تعكس غنى التراث الثقافي للمملكة، والذي يتم الاحتفاء به بكل فخر في مدينة درو”.
وشدد موين على أهمية مشاريع التعاون الملموسة بين المملكة ومدينة درو، التي يشكل المواطنون من أصل مغربي حوالي 17 بالمائة من ساكنتها، مشيراً بشكل خاص إلى التعاون مع جهة الداخلة، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون اللامركزي من خلال تقوية الروابط الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وتوج المساء بحفل عشاء فاخر، أُعد بشكل مشترك من قبل الشيف المغربي خالد زاهر وبطل العالم في فنون الحلويات أليكسيس بوفيلس المنحدر من مدينة درو، في احتفاء مميز بالخبرة الطهوية للبلدين وتعزيز للحوار الثقافي بينهما.
يُذكر أن معرض المغرب في درو، الذي افتُتح يوم الأربعاء، يدعو الزوار إلى تجربة غامرة في قلب الصناعة التقليدية والمطبخ والتقاليد المغربية، مع احتفاء خاص بجهة الداخلة – وادي الذهب.
وقد تم إطلاق “سنة المغرب في درو” في يناير الماضي، بهدف إبراز الغنى الإنساني الذي يميز البلدين، في مدينة تُعد رمزاً للصداقة المغربية-الفرنسية. وخلال الأشهر المقبلة، ستواصل مدينة درو الفرنسية الاحتفاء بالمغرب من خلال برنامج غني ومتنوع يشمل جوانب اقتصادية ورياضية وثقافية، يعكس نبض وألوان المملكة.
هذا الحدث الثقافي المميز يؤكد مجدداً على قوة الدبلوماسية الثقافية في تعزيز العلاقات بين الشعوب، ويبرز مكانة القفطان المغربي كسفير للأناقة والتراث المغربي الأصيل في المحافل الدولية.