كشفت تقارير إعلامية فرنسية أن المغرب وفرنسا قد دخلا مرحلة العد العكسي للتحضير لزيارة دولة مرتقبة للملك محمد السادس إلى باريس، والتي يُتوقع أن تتم في مدة أقصاها مطلع العام المقبل.
وتأتي هذه الزيارة، التي وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها “طال انتظارها على ضفتي المتوسط”، لتتوّج مسار مصالحة بدأ بعد أزمة دبلوماسية عميقة بين البلدين، تُعد الأطول منذ استقلال المغرب عام 1956.
وتتجسد بوادر هذه المصالحة في تكثيف الأنشطة المشتركة بين الحكومتين، حيث من المقرر عقد اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي حكومتي البلدين في الخريف المقبل، بالإضافة إلى لقاءات ثنائية مهمة كاجتماع حول الهجرة في باريس وزيارة مرتقبة لوزير الداخلية المغربي.
وعلى الصعيد الرمزي، تمتد جسور التواصل بدعوة السيدة الفرنسية الأولى بريجيت ماكرون للانضمام لمجلس إدارة مؤسسة المسرح الملكي بالرباط، وظهور الأميرة حسناء إلى جانب الرئيس ماكرون في قمة دولية، ولعل أبرز المؤشرات إعلان باريس عن افتتاح مركز للخدمات القنصلية في مدينة العيون بالصحراء المغربية.
وتكتسب هذه الخطوات أهميتها بالنظر إلى أنها تأتي بعد فترة من القطيعة شبه التامة بين عامي 2021 و2024، والتي وُصفت بأنها مرحلة “وصلت فيها العلاقة إلى الحضيض”.
وقد غذّت تلك الأزمة ملفات شائكة، من بينها قضية برنامج “بيغاسوس”، وقرار فرنسي بتقليص التأشيرات، بالإضافة إلى قرار في البرلمان الأوروبي اعتبره المغرب موجهاً ضده، فضلاً عن سوء التقدير البروتوكولي بعد زلزال سبتمبر 2023، والذي أثار استياء الرأي العام المغربي.
وفي حال تمت الزيارة الملكية بالفعل، فإنها ستحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية كبرى للطرفين. فمن جهة، ستكون فرصة للعاهل المغربي لتأكيد عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي واختبار صدق النوايا الفرنسية.
ومن جهة أخرى، ستمنح الزيارة فرنسا فرصة ثمينة لاستعادة قنوات التواصل المباشر مع دوائر القرار المغربية، في وقت حرج يشهد تراجعاً في نفوذها الإفريقي وإعادة تشكيل لموازين القوى في منطقة الساحل والبحر الأبيض المتوسط.
