رضوان جخا: الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء تعزز التحول نحو دبلوماسية اقتصادية فعالة
خلال السنوات الأخيرة، عمل المغرب بقيادة الملك محمد السادس على بناء رؤية استراتيجية تستغل الدعم الدولي لتطوير الأقاليم الجنوبية، هذه الرؤية لا تركز فقط على السياسة، بل تفتح أبوابا للاستثمار والتعاون الاقتصادي مع شركاء دوليين، ما يجعل الصحراء اليوم منطقة واعدة للنمو والتقدم.
يرى المحلل الاقتصادي رضوان جخا أن الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس انتقلت من منطق التدبير ورد الفعل إلى منطق الرؤية الاستباقية، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، مشيرًا إلى أن ثمار هذا التوجه بدأت تتجلى من خلال التحول التدريجي نحو دبلوماسية اقتصادية فاعلة.
وفي تصريح لموقع “فبراير.كوم”، أوضح جخا أن سنة 2020 شكّلت لحظة مفصلية بعد الاعتراف الأمريكي التاريخي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو ما أدى إلى إطلاق سلسلة من المبادرات الاقتصادية، أبرزها توقيع اتفاقيات توأمة بين مدن أمريكية ونظيرتها بالصحراء، وتمويل برامج استثمارية بقيمة 500 ألف دولار بكل من العيون والداخلة.
وأضاف أن فرنسا، بعد إعلان دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، بادرت إلى تحركات اقتصادية مهمة على الأرض، حيث زار أقاليم الصحراء أكثر من 50 مستثمرًا فرنسيا خلال سنة واحدة، كما تم إطلاق مشاريع تمويل مباشر بقيمة تفوق 150 مليون يورو، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة وتحلية المياه والاقتصاد الأزرق.
وفي ما يخص العلاقات المغربية البريطانية، أشار جخا إلى أن المملكة المتحدة عبّرت عن دعمها لمغربية الصحراء، وهو ما تُرجم اقتصاديا من خلال إعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن تخصيص 5 مليارات دولار تشمل الأقاليم الجنوبية، إلى جانب مشاريع استثمارية في إنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار.
أما على مستوى العلاقات المغربية الإسبانية، فقد أبرز الخبير الاقتصادي أن ما يزيد عن 120 شركة إسبانية شرعت في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية، تزامنًا مع شراكات جديدة مع الصين، مثل دخول شركة “هوايو كوبالت” على خط إنشاء مصنع مكونات بطاريات الليثيوم في مدينة العيون، في إطار انخراط المغرب في مبادرة “الحزام والطريق”.
وشدد جخا على أن هذه الدينامية الاقتصادية لم تكن لتتحقق لولا رؤية الدولة المغربية، التي أطلقت النموذج التنموي الخاص بالصحراء سنة 2015 بميزانية قاربت 84 مليار درهم، إلى جانب الأوراش الكبرى مثل أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، والمبادرة الملكية الأطلسية.
واعتبر أن المغرب نجح في تنويع شراكاته مع القوى الكبرى، خصوصًا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، دون إغفال عمقه الأوروبي والخليجي والإفريقي، وهو ما يجعل من الأقاليم الجنوبية اليوم فضاءً جاذبًا للاستثمار ومختبرًا للتنمية الشاملة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.