خلف البلاغ الصادر عن رابطة القضاة بالمغرب، “جدلا واسعا”، بسبب ما اوضحته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حول اعتبار أن “السلطة القضائية سبب الذي تعرفه المؤسسات السجنية والناتج عن ارتفاع وتيرة الاعتقال”.
وللحديث عن الموضوع أكثر، أجرى موقع “فبراير” اتصالا هاتفيا مع صافي الدين البدالي، عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، أوضح أن بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب جاء في سياق وطني يعرف أزمة التسيير على مستوى مجموعة من القطاعات الاجتماعية من تعليم وصحة، مشيرا إلى أن “الحكومة تحاول البحث عن بدائل للتخلص من تكاليف هذه القطاعات باللجوء الى التفويت أو التدبير المفوض”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الموضوع يأتي أيضا في سياق توجيهات والي بنك المغرب الذي يحذر من خلال تقريره من ارتفاع التضخم في السنوات المقبلة، والأزمة الاقتصادية الناتجة عن الجفاف و عن تداعيات حرب روسيا و الناتو على أرض أوكرانيا و أيضا المخاض الذي أصبح يعرفه شمال افريقيا بعد انقلاب في النيجر، و ما سيعرفه من تداعيات في علاقة المغرب بدول الجوار و الدول الإفريقية المؤيدة للانقلاب و الأخرى المناهضة له.
وفيما يخص دلالات الموضوع الذي بات حديث الساعة، أكد المتحدث ذاته أن “الأمر يتعلق بمحاولة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تبرئة ذمتها مما يقع في السجون من سوء التسيير، و من تبديد المال العام و بتحميل القضاء مسؤولية الاكتظاظ الذي تعرفه هذه المؤسسات السجنية”.
وأردف في ذات السياق، أن الوضع يشير إلى إعطاء إشارة للحكومة من أجل خلق بدائل لتدبير وتسيير هذه المؤسسات على المستوى المالي والموارد البشرية، وتطوير أدائها مما يقتضي موارد مالية اضافية، و هي الإشارة التي سبق للوزير وهبي أن أثارها في عدة مناسبات ومن خلال مشروع القانون الجنائي المرتقب تقديمه للبرلمان.
وفي سياق مغاير، أبرز صافي الدين البدالي، أن الأمر لا يتعلق بما تراه المندوبية العامة و لا بما يراه القضاة، بل يتعلق بالسياسة العامة للبلاد خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الاجتماعية وما يجب أن تعرفه من تغيير جذري على مستوى التربية الاجتماعية والتكوين والاندماج الاجتماعي للشباب، من توفير شروط العمل و محاربة ظاهرة العنف والتطرف الديني و الاجتماعي و التصدي بكل قوة الى ظاهرة المخدرات التي تشكل عنصرا أساسيا في الجرائم المرتكبة، مشددا على جعل المدرسة العمومية مجالا للتواصل والتربية الاجتماعية والمشاركة في تطهير المجتمع من بؤر المخدرات والتعاطي لها .
وأشار في ذات الصدد، إلى تمكين القضاء من الموارد البشرية من قضاة و من أطر تقنية، تساعد على تسريع مساطر الأبحاث القضائية للتخفيف من الاعتقالات الاحتياطية.
وبخصوص ظاهرة الإكتظاظ، أبرز المتحدث نفسه، أن الحل لظاهرة الاكتظاظ في سجون المغرب يتجلى في إعادة النظر في منظومة القضاء في شموليتها حتى يكون القضاء مستقلا عن جميع السلط ثم وضع كل المؤسسات الاجتماعية والتربوية في خدمة التربية الاجتماعية والوقاية من مظاهر الجريمة.
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، قد دعت الاثنين، السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجني، عبر بلاغ لها في هذا الشأن.
