في ظل تفاقم أزمة المياه في شمال أفريقيا، تتصاعد حدة التوتر بين المغرب والجزائر حول قضية الموارد المائية المشتركة. فقد شهدت الأيام الأخيرة تطورات دراماتيكية تنذر باحتمال نشوب “حرب مياه” بين البلدين الجارين.
وحسب ما ذكرته صحف عالمية، اندلعت أعمال شغب عنيفة في مدينة تيارت شمال غرب الجزائر احتجاجاً على نقص المياه، مما دفع الحكومة الجزائرية لإرسال وزراء للاعتذار للسكان ووعدهم بحل الأزمة.
وفي خضم هذه الأحداث، وجه وزير المياه الجزائري اتهامات صريحة للمغرب بالتسبب في تفاقم الجفاف في بلاده.
وحسب ما ذكرته صحيفة “جون أفريك”، يكمن جوهر النزاع في الأحواض المائية المشتركة بين البلدين، وخاصة وادي ملوية الذي يمتد عبر الحدود. فقد أدى الاستغلال المكثف لهذا الوادي من الجانب المغربي، وبناء السدود عليه، إلى انخفاض تدفقه بشكل كبير، مما أثر سلبا على الجانب الجزائري.
ومضت “جون أفريك” موضحة أن هناك نقطة خلاف أخرى تتمثل في عواقب استخدام مياه وادي غير، أحد أطول الأودية في شمال إفريقيا (433 كم)، والذي ينبع من الأطلس الكبير المغربي، بعد التقائه بالأراضي الجزائرية مع وادي زوزفانة. ومع ذلك، فإن وادي زوزفانة يغذي رابع أكبر سد جزائري، وهو سد جورف توربا، الذي تم تشييده في الستينيات وتبلغ طاقته الاستيعابية 365 مليون م3، ويوفر الماء الصالح للشرب لساكنة بشار.
ويرى خبراء أن الموقع الجغرافي يمنح المغرب أفضلية، حيث تنبع معظم موارده المائية من أراضيه. لكن الجزائر تعتبر أن التصرفات المغربية على الحدود تؤثر سلبا على تدفق المياه إليها.
ومما يزيد الوضع تعقيدا الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين البلدين منذ عام 2021، والتي تحول دون إجراء أي حوار لحل هذه القضية الحساسة.
في ظل هذه الظروف، وفي ضوء تأثيرات التغير المناخي المتزايدة، تبدو الحاجة ملحة لإيجاد حل دبلوماسي يضمن الإدارة المشتركة والعادلة للموارد المائية بين البلدين، تجنباً لتصعيد قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها.
هدا وتنبع “موارد المغرب المائية من التراب الوطني”. بمعنى آخر، لا يجد أي من أنهار أو وديان البلاد منبعه خارج حدود المملكة. وهو أصل قوي، في حين أن ظاهرة الاحتباس الحراري تساهم في ندرة الذهب الأزرق، وهي معضلة ليس المغرب في مأمن منها.
