شهدت الساحة الإعلامية الفرنسية مؤخرا تحولا ملموسا في تعاطيها مع قضية الصحراء المغربية. هذا التحول تجسد في نشر إحدى أبرز الصحف الفرنسية لخريطة المغرب كاملة، بما فيها الأقاليم الجنوبية للمملكة.
هذه الخطوة، التي قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، أثارت جدلا واسعا وفتحت الباب أمام تكهنات حول تغير محتمل في الموقف الفرنسي الرسمي تجاه قضية الصحراء.
لطالما كانت قضية الصحراء المغربية من القضايا الحساسة في العلاقات الدولية، وخاصة في شمال أفريقيا. وقد اتخذت فرنسا، على مر السنين، موقفا حذرا ومتوازنا نسبيا تجاه هذه المسألة. لكن نشر الخريطة الكاملة للمغرب في وسيلة إعلامية فرنسية بارزة يشير إلى احتمال حدوث تحول في هذا الموقف.
ويرى عديد مراقبين أن هذه الخطوة ليست مجرد صدفة إعلامية، بل هي إشارة واضحة على تغير في توجه الإعلام الفرنسي وربما السياسة الفرنسية ككل.
ووفقاً لتقارير صحفية”، فإن نشر مثل هذه الخريطة يعتبر خطوة مهمة في تحديد العلاقة بين فرنسا والمغرب، خاصة مع الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام وعكس التوجهات السياسية.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه العلاقات الفرنسية-المغربية محاولات لتجاوز فترة من الفتور. فقد مرت العلاقات بين البلدين بتوترات في السنوات الأخيرة لأسباب متعددة، منها قضايا تتعلق بالهجرة وبعض الخلافات السياسية. لكن يبدو أن هناك رغبة متزايدة من الجانبين لتحسين هذه العلاقات وفتح صفحة جديدة.
ومما يزيد من أهمية هذا التحول المحتمل هو إدراك فرنسا لثقل المغرب المتزايد في القارة الأفريقية. فالمملكة المغربية تلعب دورا محوريا في العديد من القضايا الإقليمية، وتتمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي متنام في غرب أفريقيا. هذا الواقع يجعل من المغرب شريكا استراتيجيا مهما لفرنسا في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، هناك بعد اقتصادي لا يمكن إغفاله في هذه المعادلة. مع اقتراب موعد كأس العالم 2030، الذي من المقرر أن يستضيفه المغرب بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تتطلع فرنسا إلى الاستفادة من الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التي يقوم بها المغرب استعدادا لهذا الحدث العالمي. هذا البعد الاقتصادي قد يكون عاملا إضافيا يدفع باتجاه تغيير في الموقف الفرنسي.
ويذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن هذه الإشارات المتواصلة القادمة من فرنسا قد تكون مؤشرا على قرب اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمغربية الصحراء. مثل هذا الاعتراف، إن حدث، سيكون له تداعيات كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي.
