الرئيسية / نبض المجتمع / المغاربة وعيد الأضحى.. تقرير حديث يسلط الضوء على شعيرة دينية مرّت هذه السنة في ظروف استثنائية

المغاربة وعيد الأضحى.. تقرير حديث يسلط الضوء على شعيرة دينية مرّت هذه السنة في ظروف استثنائية

عيد الأضحى
نبض المجتمع
ياسين أوشن 02 يوليو 2024 - 19:30
A+ / A-

سلّط “المركز المغربي للمواطنة” الضوء على شعيرة عيد الأضحى، التي مرت خلال السنة الحالية (2024) في ظروف استثنائية، طبعها ضعف القدرة الشرائية لعدد من الأسر المغربية، وعجزها عن شراء الأضحية لذبحها صبيحة العيد، نظرا إلى غلاء أسعارها وارتفاع أثمنتها في الأسواق الوطنية.

وأفاد المركز نفسه، وفق تقريره المطول الذي توصل موقع “فبراير.كوم” بنسخة منه، أن “عيد الأضحى مناسبة ذات أهمية خاصة لدى المغاربة، لا سيما بين الطبقة المتوسطة والأسر ذات الدخل المحدود”، مضيفا أن “هذه المناسبة الدينية تحمل في طياتها قيماً روحية عظيمة وتعزز الروابط العائلية والمجتمعية”.

إلى جانب ذلك، يضيف التقرير، “يعكس العيد تقاليد اجتماعية راسخة، تتمثل في التجمع العائلي وتبادل الزيارات، مما يعمق أواصر المحبة والتلاحم بين أفراد العائلة والمجتمع في سياق يتميز بالانعزال. كما أنه يُشكل فرصة لتعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي، حيث يشاهد العديد من صور التضامن بين أفراد المجتمع”.

“على الرغم من أن شعيرة عيد الأضحى تعتبر سنة مؤكدة واجبة فقط على من تتوفر فيه الشروط الشرعية، إلا أن العادات الاجتماعية ورغبة آباء في تلبية طلبات الأبناء في الحصول على الأضحية تضع ضغطا كبيرا على الأسر المغربية، خاصة الفقيرة منها، وتدفعها إلى اقتنائها بغض النظر عن ظروفها المالية”، يشرح المركز قبل أن يمضي قائلا: “هذا الالتزام الاجتماعي يؤدي إلى تحميل العديد من الأسر أعباء مالية ثقيلة لضمان شراء الأضحية، مما يزيد من معاناتهم الاقتصادية ويعمق من صعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية”.

كما زاد أن “هذه السنة عرفت ظروفا استثنائية أثرت بشكل كبير على احتفال المغاربة بعيد الأضحى. فتوالي سنوات الجفاف تسبب في تأثير غير مسبوق على القطيع الوطني، ما أدى إلى انخفاض العرض وارتفاع أسعار الأضاحي”، مضيفا: “شهدت القدرة الشرائية للمواطنين تراجعاً حاداً، حيث وصلت إلى أدنى مستوياتها نتيجة تداخل عدة عوامل داخلية وخارجية”.

التقرير لفت إلى أن “العديد من المؤشرات التي سبقت عيد الأضحى توقعت أن تكون هذه السنة استثنائية من حيث الصعوبات التي ستواجهها العديد من الأسر المغربية في توفير ثمن الأضحية”، مستطردا: “وصلت أسعار اللحوم إلى أرقام قياسية قبل العيد”.

وفي محاولة لتدبير هذا النقص وتوفير الظروف المناسبة للاحتفال بهذه المناسبة الدينية والاجتماعية، يزيد المصدر، “قامت الحكومة بدعم استيراد الأغنام من خلال تقديم دعم مالي مباشر للمستوردين ومنح إعفاءات جمركية؛ إذ بالرغم من توفر المغرب على سجل اجتماعي موحد يمكن من استهداف الفئات الأكثر احتياجاً، فضلت الحكومة تمكين المستوردين من الدعم المالي المباشر بدلاً من تقديمه مباشرة إلى الأسر المعوزة”.

تبعا لأولوياتها، يمضي التقرير، “ركزت الحكومة على الجانب الاقتصادي لعيد الأضحى، حيث سعت لضمان تحويل أكثر من 14 مليار درهم من الحواضر إلى العالم القروي؛ هذا التحويل يعزز التنمية الاقتصادية في تلك المناطق ويدعم الفلاحين ومربي الماشية، خاصة وأن العديد من سكان البوادي يعتمدون على تربية الماشية كمصدر رئيسي للعيش”.

“إن العديد من القطاعات تستفيد بشكل استثنائي من مناسبة عيد الأضحى، مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في النشاط الاقتصادي خلالها”، يقول المركز قبل أن يواصل: “قطاع المحروقات، على سبيل المثال، يشهد ارتفاعاً في الطلب نتيجة لزيادة حركة التنقل بين المدن والقرى. قطاع النقل هو الآخر يعرف نشاطاً مكثفا”.

علاوة على ذلك، يكشف المصدر، “يشهد قطاع الاتصالات زيادة في الاستخدام، حيث يكثر الاتصال بين الأهل والأصدقاء لتبادل التهاني والتبريكات، ما يؤدي إلى زيادة في حجم المكالمات الهاتفية واستخدام الإنترنت. هذا التفاعل الاقتصادي النشط يعكس أهمية العيد ليس فقط كحدث ديني واجتماعي، ولكن أيضاً كفرصة لدعم الاقتصاد وتعزيز حركة السوق في مختلف القطاعات”.

هذا ويُلاحظ أيضا، حسب التقرير، أن “هذه السنة شهدت تصريحات أكثر من المهنيين فيما يخص القطيع، حيث سعى العديد منهم إلى تقديم معلومات وطمأنة المواطنين حول وفرة الأضاحي وجودتها. في المقابل، كانت تصريحات القطاع الوصي قليلة ومحتشمة، رغم أنه الجهة المسؤولة أمام المواطن عن تقديم التوضيحات والبيانات الرسمية. هذا التباين في التواصل أثار تساؤلات حول دور القطاع الوصي في إدارة الأزمة وتقديم المعلومات الشفافة للمواطنين”.

وفي هذا الصدد؛ أفاد المركز أن “الجميع يقر بأن هذه السنة شهدت أسعاراً قياسية لم يسبق أن عرفها المغرب. ورغم التفسيرات العديدة التي حاول القطاع الوصي من خلالها تبرير هذا الارتفاع، يبقى العرض المنخفض هو السبب الرئيس لهذا الارتفاع. وهي معادلة لا يمكن التشكيك فيها، فقد أدى نقص عدد الأضاحي المتاحة في الأسواق إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن الإجراءات المتخذة من قبل القطاع الوصي كافية لضمان وفرة الأضاحي بأسعار معقولة”.

ولفت إلى أن “الاستيراد لم يكن له أي وقع على أرض الميدان. بل هناك العديد من المصادر تؤكد توجيه تلك الأغنام لأغراض تجارية من طرف الجزارين، مما يطرح إشكالية دور القطاع الوصي في مراقبة الدعم المخصص”، مشددا على أن “محاولة ربط غلاء أثمنة الأضاحي بالشناقة يفتقد للموضوعية والبراهين، إذ أن هذه الفئة دائماً ما شكلت عنصراً في سلسلة التوريد”.

في ظل ارتفاع الأسعار، حسب المصدر نفسه دوما، “يُلاحظ أن هناك ارتفاعا في رسوم تعشير الأضاحي المعروضة للبيع، مما ساهم في تفاقم أزمة الأسعار. هذا الإجراء يزيد من الأعباء المالية على التجار والمستهلكين على حد سواء، مما يؤدي إلى ارتفاع إضافي في تكلفة الأضاحي، ويعزز من حدة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الأسر المغربية خلال عيد الأضحى”.

“إن جميع المؤشرات تؤكد انخفاض نسبة المواطنين الذين خلدوا هذه الشعيرة. على سبيل المثال، انخفضت كمية النفايات المنتجة في الدار البيضاء من حوالي 16,000 طن خلال سنة 2023 إلى 12,000 طن خلال هذه السنة، مما يظهر تراجعاً في عدد الأسر التي مارست شعيرة العيد”.

كما أوضح التقرير قائلا: “رغم أهمية المعطيات التي صدرت عن المندوبية السامية للتخطيط حول عيد الأضحى، يُؤخذ عليها تأخرها في الصدور، إذ إن معطيات 2022 لا تعكس بشكل دقيق معطيات 2024 في ظل أزمة الجفاف والغلاء”.

وزاد: “هذا التأخر في توفير البيانات يجعل من الصعب اتخاذ قرارات مبنية على معلومات حديثة ودقيقة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويؤثر سلباً على قدرة الجهات المسؤولة على التعامل مع التحديات الراهنة بفعالية”، مبرزا أن “بعض الأسر المغربية وجدت نفسها في موقف جد صعب، حيث لم يكن بعضها قادراً على اقتناء الأضحية بسبب إكراهات مالية، بينما لم تستطع أخرى اتخاذ قرار عدم اقتناء الأضحية لاعتبارات اجتماعية”.

في ظل الارتفاع غير المسبوق في تاريخ المغرب لأسعار الأضاحي، يشدد المركز، “تم استهلاك جزء من رأس المال الوطني من القطيع، خاصة النعاج والخرفان التي تُعد للموسم المقبل، مما قد يؤثر على عدد القطيع وسعر اللحوم في المستقبل. وبدون “راحة بيولوجية” للقطيع الوطني، من المؤكد أن الأزمة ستستمر فيما يخص غلاء أثمنة اللحوم في المستقبل ويصعب عودتها إلى المستويات السابقة”.

هذا وتابع التقرير أن “تسبيق أجرة شهر يوليوز للموظفين وبعض الأجراء خلال الأسبوع الثاني من شهر يونيو سيضع العديد من المواطنين في وضعية مالية صعبة خلال شهر يوليوز”، شارحا أن “العديد من الأسر ستكون مطالبة بتدبير أكثر من 40 يوماً بأجرة استُعملت لتغطية مصاريف استثنائية متعلقة بعيد الأضحى، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر ويجعلها تواجه صعوبة في تلبية احتياجاتها الأساسية خلال هذا الشهر”.

وبخصوص التوصيات، دعا المركز المغربي للمواطنة إلى “فتح نقاش وطني حول السياسات العمومية الفلاحية، مع التركيز على وضع المواطن في قلب تلك السياسات، وضمان أن الاستراتيجيات تلبي احتياجات المواطنين وتتماشى مع التحديات البيئية والاقتصادية الحالية”، مطالبا بـ”تفعيل اللجنة البرلمانية المحدثة لتقييم مخطط المغرب الأخضر، من أجل الوقوف على نقاطه الإيجابية لتعزيزها والنقاط التي تتطلب تحسينا”.

كما دعا التقرير أيضا إلى “إجراء تحقيق سياسي بخصوص الأرقام الرسمية المعلنة من قبل القطاع الوصي حول توفر عرض أكبر من طلب السوق الوطني بمناسبة عيد الأضحى”، مع المطالبة بـ”العمل على تقوية وتعزيز القطيع الوطني، من خلال إجراءات ناجعة عوض الاكتفاء بالحلول السهلة، المتعلقة بتقديم الدعم المالي للمهنيين أمام كل أزمة، التي يغيب عنها أي وقع ملموس على المعيش اليومي للمواطن”.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة