كشف تقرير صادر عن جمعية “سمسم – شراكة مواطنة” عن انخفاض ملموس في عدد الأسئلة الكتابية التي وجهها النواب البرلمانيون إلى الحكومة خلال السنة الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، وكذلك في نسبة تجاوب الحكومة مع هذه الأسئلة. وذلك في سياق تتبّع الأداء الرقابي لمجلس النواب المغربي.
التقرير، الذي يعتبر أول إحاطة للمجتمع المدني بشأن الحصيلة الرقابية لعمل مجلس النواب، أظهر تطورات “مثيرة للقلق” حول فعالية البرلمان في ممارسة دوره الرقابي على السلطة التنفيذية.
انخفاض ملحوظ في عدد الأسئلة الكتابية
وفقًا للتقرير، قدم النواب البرلمانيون خلال دورتي أكتوبر وأبريل من السنة التشريعية الأخيرة 4356 سؤالًا كتابيًا، وهو انخفاض كبير مقارنة بالسنوات السابقة، وفي السنة التشريعية الثانية، بلغ عدد الأسئلة 6563 سؤالًا، بينما وصل في السنة الأولى إلى 5814 سؤالًا.
هذا الانخفاض يعكس تراجعًا في نشاط النواب البرلمانيين في استخدام آلية الأسئلة الكتابية كوسيلة رقابية فعّالة، مما يطرح تساؤلات حول مدى التزام البرلمان بمسؤوليته في مراقبة أداء الحكومة.
ومن ناحية أخرى، أشار التقرير إلى تراجع كبير في نسبة تجاوب الحكومة مع الأسئلة الكتابية المقدمة من النواب. فقد أجابت الحكومة على 1783 سؤالًا فقط من أصل 4356 سؤالًا، أي بنسبة 41.26% فقط، وهو انخفاض ملحوظ عن نسبة 57.6% في السنة الأولى، و64.96% في السنة الثانية من الولاية نفسها.
ويعكس هذا التراجع ضعفًا في التفاعل الحكومي مع الاستفسارات البرلمانية، مما يحد من فعالية الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي.
توزيع الأسئلة الكتابية وأداء الفرق البرلمانية
أما فيما يخص توزيع الأسئلة، فقد استحوذت فرق المعارضة على النصيب الأكبر من هذه الأسئلة، حيث قدمت 2877 سؤالًا، ما يعادل 66.05% من إجمالي الأسئلة الكتابية الموجهة إلى الحكومة. في المقابل، قدمت فرق الأغلبية 1442 سؤالًا فقط، بنسبة 33.10%، مما يعكس تفاوتًا في نشاط الفرق البرلمانية في ممارسة دورها الرقابي.
ومن بين الفرق البرلمانية، تصدر الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية لائحة الفرق البرلمانية من حيث عدد الأسئلة الكتابية، حيث وجه حوالي 862 سؤالًا مكتوبًا، يليه الفريق الحركي بواقع 763 سؤالًا، ثم حزب التجمع الوطني للأحرار بواقع 664 سؤالًا.
فيما يتعلق بالوزارات الأكثر استهدافًا بالأسئلة البرلمانية، جاءت وزارة الداخلية في الصدارة، حيث استقبلت 565 سؤالًا كتابيًا، تلتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بـ498 سؤالًا، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية بـ470 سؤالًا.
هذا التركيز على بعض الوزارات يعكس أولويات النواب البرلمانيين في توجيه الرقابة نحو القطاعات التي تشهد أكبر عدد من التحديات والإشكالات.
وفيما يتعلق بنسبة الإجابة، تصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قائمة الوزارات الأكثر تجاوبًا مع الأسئلة الكتابية، حيث أجابت عن 78.81% من الأسئلة الموجهة إليها، تلتها وزارة العدل بنسبة 69.57%، والوزارة المكلفة بالاستثمار بـ68.97%.
وفي المقابل، سجلت بعض الوزارات نسب تجاوب ضعيفة، مثل وزارة الإسكان التي أجابت عن 8.5% فقط من الأسئلة الموجهة إليها، ووزارة الخارجية بنسبة 1.69% فقط.
ويظهر هذا التقرير تراجعًا في فعالية الرقابة البرلمانية على الحكومة، حيث يشير إلى انخفاض في عدد الأسئلة الكتابية وتراجع نسبة تجاوب الحكومة معها. هذا الوضع يثير تساؤلات حول مدى قدرة البرلمان على أداء دوره الرقابي بفعالية في ظل هذا التراجع، ويعزز الحاجة إلى إعادة تقييم دور النواب البرلمانيين والحكومة في تفعيل آلية الأسئلة الكتابية كوسيلة أساسية لمراقبة الأداء الحكومي.