في خضم السباق الانتخابي الجزئي بدائرة المحيط في الرباط، يشهد الساحة السياسية تنافسًا محمومًا بين أربعة أحزاب رئيسية تسعى جميعها إلى نيل مقعد واحد يعكس قوتها السياسية وعمق تأثيرها في المنطقة.
يسعى حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي فقد مقعده بقرار من المحكمة الدستورية، إلى استعادة موقعه من خلال مرشحه سعيد بنمبارك، المحامي وزوج العمدة السابقة لمجلس جماعة الرباط، والذي يطمح إلى تعزيز حضور الحزب في هذه الدائرة.
في الجهة المقابلة، يهدف حزب العدالة والتنمية إلى استعادة سيطرته على أحد معاقله السياسية عبر مرشحه أبو زهير، الذي ينحدر من حي المسيرة في يعقوب المنصور ويُعتبر رمزًا محليًا للحزب.
وفي محاولة لزيادة حظوظه، قام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بصفقة انتخابية بارزة، حيث استقطب ياسين التونارتي، نجل منسق مستشاري حزب التجمع الوطني للأحرار في مجلس جماعة الرباط، وهو شخصية مؤثرة في مقاطعة يعقوب المنصور.
يمثل هذا التنافس المشهد السياسي في دائرة المحيط كميدان ديناميكي يعكس التفاعلات السياسية والتكتيكات الانتخابية التي تسعى كل حزب من خلالها إلى تحقيق نصر يعزز من موقفه في الساحة السياسية.
دائرة التناقضات الطبقية… سلوك انتخابي لا يمكن التحكم فيه
تعرف دائرة الرباط المحيط بدائرة التناقضات الطبقية، حيث تضم هذه الدائرة الانتخابية أحياء مقاطعة اكدال الرياض واحياء مقاطعة يعقوب المنصور، وجزءا مهما من احياء مقاطعة حسان، وتضم بذلك، كتلة ناخبة من كل الفئات والطبقات الاجتماعية، ما يؤثر بشكل مهم في التوازنات السياسية والانتخابية، مما يعني أن السلوك الانتخابي للمنطقة لا يمكن التحكم فيه.
ويذكر أن حي يعقوب المنصور الذي يعد أحد أكبر احياء المغرب المتكونة من مجموعة من الأحياء السكنية يعد الكعكة الدسمة للمرشحين عن هذه الدائرة، حيث يضم ما يزيد عن الثلثين من الكتلة الناخبة، وينقسم اجتماعيا إلى أحياء مهمشة بسلوك انتخابي مزاجي يكون تارة لصالح الأعيان بالمنطقة، وتارة أخرى بطابع عقابي.
كما يضم الحي نفسه، أحياء للطبقة المتوسطة تضم حي الفتح وأمل 6 وحي المنزه وحي المسيرة والشبانات وحي الشباب وإقامة الصباح بسلوك انتخابي عقلاني يراعي مصالحها الطبقية.
وتمتد الدائرة على حي الرياض أكدال الذي يضم جزءا مهما من بورجوازية الرباط وتسيطر عليه الطبقة المتوسطة من أصحاب المشاريع التجارية والمناصب العليا بالدولة.
في حين تمثل مقاطعة حسان بأحياء الليمون وديور الجامع والمحيط والعكاري والتي تكون اصواتها في الغالب تعبيرا عن الموقف من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المرتبط بالسياق الانتخابي.
الإتحاد والأحرار…. حملة صامتة قبل يومين من الاقتراع
منذ انطلاق الحملة الانتخابية، لازال التجمع الوطني للأحرار يشتغل بصمت ودون ظهور لافت بمعاقله من الأحياء التي يسيطر عليها، والتي تعرف تواجدا مهما لأعيان الحزب بالمنطقة، حيث ينتظر أن يستعيد حزب التجمع الوطني للأحرار مقعده يوم 12 شتنبر، خصوصا وأن الحزب، يحظى بكتلة ناخبة قارة تصوت له.
ويعول حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يحاول استعادة أمجاده بدائرة المحيط، على الرأسمال الرمزي لعائلة التونارتي أحد أبرز الوجوه المرشحة لنيل المقعد البرلماني بالدائرة نفسها، ويستمر حزب الوردة في حملته التواصلية الباهتة مع الساكنة.
العدالة والتنمية يدعو إلى التصويت الثوري في دائرة المحيط
دعت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في بلاغها الصادر عن اجتماعها العادي، المواطنين والناخبين في دائرة الرباط المحيط إلى التعبئة المكثفة والتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الخميس 12 شتنبر 2024. وشددت على أهمية التصويت بحرية واختيار الأستاذ عبد الصمد أبو زهير، مرشح الحزب، كوسيلة للتعبير عن الرفض للسياسات الحكومية الفاشلة والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. كما أكدت الأمانة العامة أن التصويت لحزب العدالة والتنمية هو تأكيد على دعم الأحزاب الوطنية التي تسعى لخدمة قضايا الوطن والشعب.
من جهة أخرى، انتقدت الأمانة العامة الطريقة التي يدير بها حزب التجمع الوطني للأحرار حملته الانتخابية، مشيرة إلى تصريحات رئيس مؤسسة دستورية من الحزب نفسه حول “الحملة الصامتة”، التي تعكس، حسب رأيها، استراتيجيات غير قانونية وغير شريفة. ودعت الأمانة العامة جميع السلطات العمومية إلى الحفاظ على الحياد وضمان نزاهة العملية الانتخابية، والقيام بدورهم في التصدي لمحاولات إفساد الانتخابات التي تشمل استخدام المال والضغط على الناخبين.
