سلطت الباحثة بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، نزهة بنشقرون، الضوء على أهمية إعادة النظر في قانون الأسرة المغربي، ليس فقط من منظور إصلاحي للماضي، بل برؤية استشرافية للمستقبل، مع التركيز على ضرورة مواءمة القيم المغربية الأصيلة مع القيم الكونية الحديثة.
وأكدت بنشقرون على أهمية التوافق المجتمعي حول النموذج المجتمعي المنشود، والقائم على قيم المساواة والعدل والتضامن، وهي قيم راسخة في المجتمع المغربي ودينه الحنيف. لكنها أشارت إلى التحدي الأكبر، وهو كيفية تجسيد هذه القيم على أرض الواقع، خاصة في ظل المشاكل التي تواجه مؤسسة الزواج، والتضارب الظاهر بين القيم المغربية والقيم الكونية.
وشددت بنشقرون على أن إصلاح القانون يجب أن يتوازى مع إصلاح شامل للمجتمع، بدءًا بالمنظومة التربوية. واعتبرت أن المنظومة الحالية تعاني من إشكال كبير، خاصة مع تفشي ظواهر العنف والمخدرات، وتأثير وسائل الإعلام السلبية. ودعت إلى توجيه المجهود الوطني نحو ترسيخ قيم إيجابية، وتقديم نماذج مشرفة للشباب، من خلال وسائل الإعلام والمناهج التعليمية.
وانتقدت بنشقرون النظرة النفعية للزواج، والتي تحول العلاقة الزوجية إلى مجرد وسيلة لتحقيق مصالح شخصية. وأكدت على أن الزواج في القانون المغربي مبني على المودة والمحبة، وهي مشاعر نبيلة يجب تعزيزها لبناء أسرة متماسكة ومجتمع سليم.
وأشارت الباحثة إلى أهمية الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية، ليس فقط كواجب قانوني، بل كعنصر أساسي في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية، وقدرته على الدفاع عن مصالحه، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
ودعت بنشقرون إلى صياغة قانون أسرة يستشرف المستقبل، ويراعي التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، والانفتاح الكبير للشباب المغربي على العالم الخارجي. وتساءلت عن كيفية تجنب صدمة العودة التي قد يواجهها المغاربة المقيمون بالخارج، عند تطبيق قوانين قد لا تعكس واقعهم وتطلعاتهم.
واختتمت بنشقرون بالتأكيد على أن المغرب، بقيادة أمير المؤمنين المنفتح، قادر على تقديم نموذج فريد يجمع بين القيم الكونية والدينية، مع مراعاة السياق المحلي والتحولات العالمية. ودعت إلى خلق فضاءات للحوار، وتوحيد جهود الحكومة والمؤسسات المجتمعية، لبناء نموذج مجتمعي متكامل ومنسجم.
