الرئيسية / سياسة / حسن أوريد: غادرت القصر لأني لم أوافق على خيارات أصحاب القرار

حسن أوريد: غادرت القصر لأني لم أوافق على خيارات أصحاب القرار

سياسة
فبراير.كوم 05 فبراير 2018 - 21:46
A+ / A-

قال حسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم القصر،  في حوار مع “هاف بوست عربي جوابا عن سؤال” هل يمكن الحديث عن تغيير في المغرب على المستويَين السياسي والاجتماعي، خاصة أنك كنت من المنظِّرين لما عُرف بـ”العهد الجديد”، وكنت حاضراً في فترة انتقالية عاشها المغرب بين الملكَين الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس؟”

“لا أدري إن كان من الجائز أن أتحدث عن نفسي، لكن الأكيد أن مآل الأمور في فترة معينة لم يكن يستجيب لرؤاي، لم أكن أجد نفسي في الخيارات التي بدأت ترتسم منذ 2007 و2008، بالأخص مع إنشاء حزب “الأصالة والمعاصرة” (حزب أشرف على تأسيسه مستشار الملك الحالي فؤاد عالي الهمة). لم يكن من الممكن أن أجهر بذلك، ولذلك فضلت الانسحاب. لم أقبل بمنصب صوري، وطبعاً طلبت الإعفاء، وهو أكثر من العزوف عن منصب، هو النأي عن خيارات مجراة”.

وحول اسحابه بسبب تأسيس الاصالة والمعاصرة قال “لم أكن أجد نفسي في خيارات وتوجهاتٍ، مثلما أن الذين كانوا يصوغون الخيارات لم يكن يجدون أنفسهم فيَّ، ولم أكن أطابق توجهاتهم؛ لذلك فهم رأوا أنه من الأفضل أن أُعزل؛ لأن المنصب الأخير الذي أُسند إليَّ هو نوع من العزل (منصب مؤرخ المملكة)”.

وتابع قائلا “على كل حالٍ، نحن الآن أمام اتجاهين: دينامية اجتماعية متطورة، وبنية سياسية تتأقلم حينما لا ترى محيداً عن التأقلم. هنا أتحدث كأستاذ للعلوم السياسية. المجتمع المغربي ينحو نحو التحديث ولا يمكن أبداً أن تبقى لا القواعد المعمول بها ولا البنى القائمة على ما هي عليه. هناك تطور مجتمعي وتغييرات عميقة داخل البنية الاجتماعية المغربية، الأمر الذي يجعل من العسير أن تبقى الأمور كما كانت.

وأضاف مؤرخ المملكة سابقا “ربما ما يفسر نجاح حزب “العدالة والتنمية”، فترة، هو أنه أدرك هذه الدينامكية الإيجابية. ولكن، يبدو لي أن “العدالة والتنمية” خذل هذه الديناميكية، فالفاعل الأساسي هو الدينامية المجتمعية الإيجابية، وليس “العدالة والتنمية”، وهذه الدينامية سوف تبحث عن إطارات جديدة وستغير الكثير من القواعد والسلوكيات”.

وبالخصوص الإطارات الجديدة التي يمكن أن يعوَّل عليها مستقبلًا، أجاب صاحب “الاجمة”لا أدري، مثلاً في الفيزياء تقع عملية التكثيف (مثل الذرات) عن طريق “محفز”، هناك كيانات؛ منها المجتمع المدني وبعض الأحزاب السياسية وفعاليات حرة، ومثقفون، من المحتمل أن تفضي إلى إطار جديد”.

وأشار الاكاديمي المغربي إلى أن ” البنية الحزبية كلها في أزمة. الأحزاب المنبثقة عن الحركة الوطنية تعيش أزمة واضحة، “العدالة والتنمية” يعيش أزمة، كانت مستترة الآن أصبحت مكشوفة، حتى الأحزاب الإدارية في نهاية المطاف تتأقلم”.

ومضى يقول في حوار مع “هاف بوست عربي” على كل حال، فالأحزاب الإدارية ليست أحزاباً جماهيرية، هي أحزاب أُطر، وفي غالب الأمر هي تجمعات مصالح، لا تعبر عن رؤية مجتمعية. ليس من الضروري أن يكون الإطار الجديد الذي يحتضن الدينامية الإيجابية للمجتمع إطاراً حزبياً… الآن، يتم التعبير عنها من خلال الشارع أحياناً، ومن خلال أصوات حرة، ومن خلال فعاليات بداخل المجتمع المدني، لكن من المحتمل أن تتحول إلى قوى سياسية مهيكلة”.

وزاد قائلا “حزب العدالة والتنمية كان دائماً حزباً براغماتياً. أنا هنا لست لأُصدر حكمَ قيمةٍ على حزب العدالة والتنمية. اعتبرت أن قوة هذا الحزب نابعة من براغماتيته، فضلاً عن توظيفه الديناميكية المجتمعية، والبراغماتية المفرطة تتحول في نهاية المطاف إلى مصدر ضعف، ويبدو أن هذا ما حصل”.

وسجل المتحدث نفسه أن “حراك الريف أثّر ويؤثر على بنية الدولة وعلى الأحزاب”، وقال” هذا معطى، لا ندري كذلك فيما يخص مآلات الأزمة في الشرق الأوسط وتأثيرها على المغرب. نحن نعرف تاريخياً أن ما يعتمل بالشرق يؤثر في المغرب”.

وأكد أوريد أنه “ليس هناك سلطة في العالم أو بنْية تغيرت لذاتها، كل السُّلط وكل المؤسسات تتغير تحت الضغط؛ إما داخلياً وإما خارجياً. مسألة وعي السلطة بذلك ليست مهمة في نهاية المطاف، إذا كنت واعياً بوضع معين ولم يكن هناك ضغط كي أتنازل، فلماذا تريدني أن أتنازل؟ الثابت أن كل بنْية لها سلطة أياً كانت السلطة، لا تتغير من تلقاء نفسها، المجتمع المغربي مقبِل على تحولات عميقة”.

وأردف قائلا “لم يعد أحد يتستَّر على تعثر النموذج التنموي المغربي. وليس الأمر مستغرباً؛ لأنه استنساخ لمنظمة “بروتن وودس”، وهي إملاءات لبعض التقنيات التي أفضت إلى اختلالات في نظام الخوصصة، وتحرير المبادلات، ورفع اليد عن القطاعات الاجتماعية، مع بعض الأمور البسيطة ذات الطابع الاجتماعي التي لم تقضِ في نهاية المطاف على الفقر”.
واعتبر أوريد أنه من الضروري “أن نطرح أسئلة جوهرية بخصوص التوزيع العادل للثروة، وفيما يخص فصل السُّلط وحول الدولة ومسؤولياتها؛ لأن لها دوراً استراتيجياً وضابطاً، وليس مسهِّلاً فقط. والدولة، مؤسسات تقوم على قواعد غير شخصية وعامة. الدولة لا يمكن أن تُختزل في النظام، ودورها بالأساس لخدمة الصالح العام وليس لفئة”.

وتابع ” أُعطي مثالاً بسيطاً؟ تكون دولة قائمة ما حينما يكون هناك تطابق بين العضو والوظيفة، عندما أتحدث عن وزارة التربية الوطنية وفق مفهوم الدولة فمعناه أنها تؤدي وظيفة التربية. لا يمكن أن أتحدث عن الدولة حينما تكون مؤسسة اسمها التضامن الاجتماعي ولا تؤدي وظيفة التضامن الاجتماعي، في فرنسا هناك شيء اسمه إدارة الأمن الوطني وتقوم بالأمن الوطني، في دول العالم العربي هناك مؤسسات تسمى الأمن الوطني ولا تقوم بمهمة الأمن الوطني”.

وشدد نفس المتحدث في حواره على ضرورة القيام ” بعملية جرد، على كثير من الأفكار والتصورات التي عرفها الجسم السياسي المغربي، ونقف عند مواطن قوتها ومكامن ضعفها. ويبدو لي في جميع الحالات، أن الكثير من الخيارات -إنْ في الجانب الاقتصادي أو حتى السياسي أو الاجتماعي- كانت عبارة عن موضة أو استنساخاً لتجارب، مثل “المصالحة والحقيقة” بجنوب إفريقيا أو “ترانسبارنسي” التي فرضتها منظومة البنك الدولي.. لم نقدم تصوراً نابعاً من بنْية المجتمع المغربي؛ لذلك نحن نحتاج، وأتمنى أن يتاح لهذا الجيش من الباحثين أن يقوموا بدورهم، وبطبيعة الحال لن يقوموا بدورهم إن لم تكن هناك بنية حاضنة”.

وأوضح أوريد أنه “لا يمكن في نهاية المطاف أن نلقي بالمسؤولية على المثقف، لا بد من بنيات حاضنة، إلى جانب ضرورة توافر هامش من الحرية واستيعاب من لدن المجتمع، وإلا فسينتهي الأمر إلى جهود فردية معزولة أو جهود تقع تحت طائلة مؤسسات أجنبية تحتضن فعاليات لأجندات ذاتية أو لمطابقتها لمصالحها. في جميع الحالات، الظرفية التي نعيشها تخول للمثقف أن يضطلع بدوره. الوضع أصبح أكثر استعداداً لقبول المثقف، وأنا لا أقصد بالمثقف إنساناً يجترُّ ما كتبته الصحافة أو يزكّي وضعاً قائماً؛ بل المثقف الذي يقوم بدور نقدي بناءً على معرفة دقيقة وعميقة وليس على انطباعات، مع رسم مسافة مع الأشياء والأشخاص والظواهر؛ حتى لا يقع تحت تأثير الذاتية”.

واعتبر أن ” السياسة هي تضارب مصالح وتقارع آراء وتصورات”، وقال “يمكن للمصالح أن تصطدم، ويمكن للأفكار أن تزعج مصالح، فليس مستبعداً أن يتمرد بعض الذين يحظون بوضع ريعي أو امتيازات، لكن لا أحد استطاع أن يقف ضد مسلسل التاريخ أو يوقفه. حينما نرى تاريخ المغرب والقيادات الكبار الذين مروا منه، كانت لهم سلطات واسعة داخل المغرب وخارجه، لكن هل استطاعوا أن يقفوا أمام ديناميكية التاريخ؟ فلذلك، لا أتوقع طبعاً ألا تكون هناك مقاومة، لكن كل مقاومة خارج منطق التاريخ آيلة للاندثار”.

وبخصوص الوظع مابعد الربيع العربي قال أوريد “هناك الزمن التاريخي وهناك الزمن السياسي، ولا يتقاطعان بالضرورة، ليس لدينا مساحة زمنية كافية للتقييم. أول شيء، الوضع كان مأزوماً، لم يكن يستند إلى أسس قوية، وطبعاً الأسس القوية في الدولة العصرية هي السيادة الشعبية، والتوزيع العادل للثروة، والمشاركة في الحكم، وهذه أشياء مفتقدة في العالم العربي، الذي يبقى محكوماً من أوليغارشيات أو طغمات أو عشائر، ولا يمكن الحديث عن دولة بصفتها عقداً اجتماعياً”.

وتابع في نفس السياق “الأنظمة استفادت من ظرفية معينة، إما في سياق الحرب الباردة، وإما فيما بعد في إطار الحرب على الإرهاب. ولكن في جميع الحالات، لم يكن هناك انسجام بين الحاكمين والمحكومين، كما أنها استفادت، بالنسبة لبعض الأنظمة، من طفرة الليبرالية الجديدة. تعثُّر الليبرالية الجديدة عرّى عن واقع الحال؛ لذلك لم يكن للمنظومة بالشكل الذي كانت عليه أن تستمر، وهو أمر كنت كتبت عنه قبل أن يندلع الربيع العربي في “مرآة الغرب المنكسرة”، ولم يكن من الضروري أن يكون الإنسان عرّافاً لكي يتنبأ بما وقع”.

دعا أوريد  النخب إلى أن تضطلع بدورها، وقال “نحن نعلم مثلاً أن بلداً مثل العراق موزَّع بين أطراف وتأثيرات متعددة، البعد العربي أصبح بُعداً من الأبعاد. لذلك، في تصوري، لا بد أن نفكر في العالم العربي بناء على التطورات العميقة التي طرأت بالآونة الأخيرة”.

وبخصوص قضية الاتحاد المغاربي قال “لنتَّحدْ أولاً. لربما فتْح الحدود هو الذي سيخلق ديناميكية ستؤثر إيجاباً على التربية والمناحي الاجتماعية والاقتصادية. قضايانا الثقافية متداخلة ومشتركة، منها مشكل اللغة، ومنها مشكل علاقة الدين والسياسة، ومنها دور الزوايا التي تتجاوز الإطار الجغرافي الخاص لكل بلد”.

وتابع في نفس الاتجاه ” آن الأوان، ليس فقط لاعتبارات ذاتية؛ بل لأن الضرورة تفرض ذلك الاندماج. لا معنى للتاريخ إن لم يفِد في فهم الحاضر. الفترات التي اضطلعت فيه هذه المنطقة بدور أساسي هي حينما كانت موحَّدة، سواء في عهد المرابطين أو الموحدين، فلا يمكن أن نضطلع بدور رائد -بالأخص في الوقت الراهن- إن لم نتحد، ليس بمعنى الانصهار، أنا أحترم بنيات الدول وأنظمة قائمة، لكن لا ينبغي لهذه الأنظمة والدول أن تكون حاجزاً وكابحاً لديناميات المجتمعات”.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة