الرئيسية / سياسة / عمر بنجلون.. السياسي الذي ربط بين السياسية والأخلاق

عمر بنجلون.. السياسي الذي ربط بين السياسية والأخلاق

سياسة
مهداوي فاروق 21 ديسمبر 2019 - 17:30
A+ / A-

“إن النضال مدخله ومنتهاه الأمل”

حدثنا عن الأمل في مسارنا النضالي، وطالب منا أن نتشبث به في أحلك الظروف، قد يكون السياسي الوحيد الذي ربط بين السياسية والأخلاق، حين قال “إنما النضال مسألة أخلاق، وكل من انحطت أخلاقه لا يمكن أن يكون مناضلا إطلاقا”، لكن أخلاق النقيض، وذيله أنداك الحركة الإسلامية، اتسمت بالخسة والنذالة، والخبث السياسي، دفع بهم لإنهاء مسار شاب طامح تغيير شامل للبلاد في سن لا يتجاوز 38 سنة.

في تقريره الأيديولوجي المقدم للمؤتمر الوطني الاستثنائي للاتحاد والوطني للقوات الشعبية، قبل أن يحول إسمه، ومع المبادئ والتوجهات، أكد  أن “الخلط والتضليل، أشد أنواع القمع”، فكان وضوحه الأيديولوجي بتبني الاشتراكية العلمية كمنهج للتحليل، كان السبب في اغتياله ممن اختاروا التضليل والمكر والخداع أسلوبا في تعاطيهم مع الجماهير.

قد لا يعرف تاريخه جيل اليوم، لكن ستبقى صورته راسخة في كل الأزمنة والعصور، ألم يقل الكاتب الفلسطيني رفعت شناعة أن الشهداء لا يموتون لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، هم يموتون أجساداً لأنَّ كلّ من عليها فان، لكنَّ أرواحهم خالدة في جنان الخلد والرضوان.

اليوم وبعد مرور 44 سنة على اغتيال الشهيد عمر بنجلون على يد الحركة الإسلامية المغربية، تعيد “فبراير” رسم بورتريه لرجل كان الصراع مع الحكم أهم سمة طبعت مساره.

بنجلون..من قرية مهمشة إلى رجل سياسة أرعب النظام

ولد عمر بنجلون في الـ26 من نونبر 1936، بإقليم جرادة وتحديدا بمدينة عين بني مطهر، التي كان يطلق عليها في السابق اسم “بركم”، حيث سيولد لأسرة ربها عامل في معمل لاستغلال المعادن، وبالضبط الفحم الحجري.

في هذه القرية المهمشة، سيتلقى ابن جلون تعليمه الابتدائي والإعدادي، ثم سينتقل إلى وجدة، ليتمم دراسته في ثانوية هناك، قبل أن يسافر إلى الرباط، ليلتحق بكلية الحقوق.

حين بلوغه السنة الثالثة من تعليمه الجامعي، سيسافر ابن جلون إلى فرنسا، حيث سيتم تكوينه الجامعي في باريس، مزاوجا بين الدراسات القانونية والتكوين في المدرسة العليا للبريد والمواصلات، التي تخرج فيها عام 1960، بجانب نيله لإجازة في الحقوق وشهادة دراسات عليا في القانون العام.

حين إقامته بباريس شغل عمر بن جلون مهمة رئيس جمعية الطلبة المسلمين لشمال أفريقيا ما بين عامي 1959 و1960، ليتولى بعد عودته إلى المغرب مسؤوليات نقابية قيادية في إطار نقابة البريد والمواصلات، حيث انتخب عضوا في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عام 1975.

اشتغل أيضا بالمحاماة حيث دافع عن المعتقلين السياسيين، وتولى، انطلاقا من 1974، إدارة صحيفة “المحرر” التي كانت لسان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

بنجلون..محكوم بالإعدام لم يأبى النظام شنقه

ظهر البعد النضالي في شخصية عمر بن جلون مبكرا، أهلته حركيته التنظيمية لتولي مسؤوليات قيادية على مستوى التنظيم النقابي لشغيلة قطاع البريد في الدار البيضاء، ووجد نفسه سريعا، بفعل مواقفه الصارمة والجذرية، في مواجهة ليس فقط مع السلطة بل مع قيادة المركزية النقابية، الاتحاد المغربي للشغل، التي بدا أنها لا تساير توجهات التيار اليساري المحسوب على الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.

انتقل نشاط عمر النقابي بدءا من 1962 إلى الرباط، وهو العام الذي يؤرخ انتخابه عضوا في اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، في إطار ما سمي آنذاك بالمؤامرة ضد النظام، تعرض عمر بن جلون للاعتقال في سنة 1963.

وصدر في حقه حكم بالإعدام في مارس 1964، قبل أن يستيفد من العفو إلى جانب قيادات الاتحاد، في أبريل 1965، ضمن ترتيبات للتهدئة بين المعارضة والحسن الثاني، ثم تكررت تجربة الاعتقال لمدة عام ونصف من مارس 1966، وذلك على بعد خمسة أشهر من اختطاف القيادي الاتحادي المهدي بنبركة.

جدد بنجلون موعد مع سجانه في سنة 1973، لكن مباشرة خروجه من السجن، أسند إليه الحزب مهمة قيادية جديدة، تمثلت في إدارة صحيفة “المحرر” التي كانت في طليعة الإعلام المعارض، وقد طبع بن جلون الصحيفة بنبرته الراديكالية وخطابه الأيديولوجي الواضح والناقد تجاه النظام القائم والوضع السياسي والطبقي ككل.

انتهى مسار عمر السياسي، سنة 1975 بانتخاب عمر بن جلون، المناضل الذي حرر التقرير الأيديولوجي للحزب، إلى جانب المفكر محمد عابد الجابري، عضوا في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وذلك بعد عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي.

تعددت طرق محاولات اغتياله..لكن فطنته كانت الأقوى

تعرض الشهيد عمر بنجلون لمحاولات عديدة لاغتياله، وذلك بسبب معارضته لنظام الملك الراحل الحسن الثاني، ومواقفه التي كانت منحازة دائما للجماهير والكادحين.

يوم 13 يناير 1973، توصل بطرد ملغوم في ليلة عيد الأضحى، وهي عملية الاغتيال ضد كل من عمر بنجلون ومحمد اليازغي، فنجا بنجلون من الاغتيال، في حين انفجرت القنبلة الأخرى في وجه اليازغي، في نفس اليوم الذي تم فيه إعدام الضباط المتورطين في محاولة الانقلاب الثانية.

في نفس الشهر وإلى غاية شهر مارس اندلعت حوادث مسلحة في مدن الدار البيضاء ووجدة، وتأججت بالمواجهات المسلحة بين عناصر الجيش وخلايا التنظيم السري التي تسرب جزء منها من الحدود الجزائرية المغربية، فأعلن بلاغ حكومي في شهر أبريل 1973، عن توقيف أنشطة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وتم اعتقال عشرات الناشطين وأغلبية الأطر الحزبية، في حين تمكن بعضهم من اللجوء إلى الخارج، بينما تم اعتقال عمر بنجلون يوم 9 مارس 1973، وأدى هذا إلى محاكمة الحزب والناشطين في محاكمة القنيطرة.

دم عمر..بين قتلة معروفين ومدبرين مجهولين

زوال الخميس 18 دجنبر 1975، سيترجل عمر بن جلون من سيارته، في الدار البيضاء، ثم سيتفاجأ بشابين ملتحيين يقتربان منه، لقاء لربما كان عاديا، إذ تبادلوا بعض الجمل، لكن سرعان ما احتد النقاش وخيم التوتر على الجميع، لينتهي باختراق الجهة اليسرى من بطن عمر بن جلون، وينتهي بقتله.

صحيح أن أصابع الاتهام وجهت حينذاك للشبيبة الإسلامية، وربما للسلطة أيضا، بيد أنه، وإن كان الفاعلون قد حوكموا، فالمدبرون الحقيقيون، والمتسترون عليه، وكل شركائهم، لا زالوا إلى اليوم، لا يعرف عنهم شيئا، بل إن من تابع الملف أقر باختفاء وثائق عديدة ذات صلة بمقتل عمر بن جلون.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة