الرئيسية / سياسة / إسقاط حفتر لاتفاق الصخيرات.. "استفزاز تكتيكي" وانقلاب ضد الشرعية

إسقاط حفتر لاتفاق الصخيرات.. "استفزاز تكتيكي" وانقلاب ضد الشرعية

سياسة
فاطمة الزهراء غالم 29 أبريل 2020 - 14:45
A+ / A-

قبل يومين أعلن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر إسقاط العمل باتفاق الصخيرات السياسي بين الفرقاء الليبيين، ليصبح جزءا من الماضي، معلنا نفسه حاكما لليبيا.

حفتر ادعى في كلمة على التلفزيون أن الليبيين منحوه التفويض لإيقاف الاشتغال باتفاق الصخيرات  قائلا:  “نعتز بتفويض الليبيين القيادة العامة لهذه المهمة التاريخية في هذه الظروف الاستثنائية، لإيقاف العمل بالاتفاق السياسي ليصبح جزءا من الماضي بقرار من الشعب الليبي مصدر السلطات، ونعلن استجابة القيادة العامة لإرادة الشعب”.

اتفاق الصخيرات

اتفاق الصخيرات اتفاق سياسي وقعه المشاركون في الحوار الليبي يوم 11 يوليوز 2015 بمدينة الصخيرات المغربية، حيث نص الاتفاق على ثلاث نقاط أساسية.

أولها تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية حيث نصت المسودة الرابعة المعدلة التي اقترحتها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية على “تشكيل حكومة الوفاق الوطني على أساس الكفاءة وتكافؤ الفرص”.
كما نص الاتفاق على تكليف الحكومة بممارسة مهام السلطة التنفيذية التي تتكون من مجلس للوزراء يترأسه رئيس مجلس الوزراء، وعضوين نائبين، وعدد من الوزراء، ويكون مقرها بالعاصمة طرابلس، ومدة ولايتها عام واحد.
وفي النقطة الثانية، أشار  الاتفاق المذكور وهو مقترح الأمم المتحدة إلى أن السلطة التشريعية للدولة خلال المرحلة الانتقالية -التي لم تُذكر مدتها- تضم مجلس النواب  المنتخب  في يونيو 2014 “برلمان طبرق”.
ثالثا، جاء في الاتفاق تأسيس مجلس أعلى للدولة ومجلس أعلى للإدارة المحلية وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور ومجلس الدفاع والأمن.
وذكر الاتفاق أن المجلس الأعلى للدولة -وهو أعلى جهاز استشاري- يقوم بعمله باستقلالية، ويتولى إبداء الرأي الملزم بأغلبية في مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تعتزم الحكومة إحالتها إلى مجلس النواب، ويتشكل هذا المجلس من 120 عضوا.
وحضر حفل التوقيع على مسودة الاتفاق بمدينة الصخيرات المغربية حضره وفدُ مجلس النواب الليبي المنحل بطبرق، ووفد يمثل النواب المقاطعين لجلساته، وآخر يمثل المستقلين، وممثلون عن عدد من البلديات منها مصراتة وطرابلس، وحضره المبعوث الأممي إلى ليبيا حينئذ، برناردينو ليون، وسفراء ومبعوثون خاصون إلى ليبيا، إضافة إلى ممثل الاتحاد الأوروبي.

رفض أممي لإعلان حفتر 

 قرار حفتر القاضي بإسقاط العمل باتفاق الصخيرات، لقي رفضا صريحا من طرف حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يرأسها فايز السراج المعترف بها دوليا، فيما قوبل بالرفض الأمريكي حيث أكدت الولايات المتحدة الأمريكية أنّ “التغييرات في الهيكل السياسي الليبي، لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب”.
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال إن اتفاق الصخيرات هو الإطار الدولي الوحيد للاعتراف بالوضع الليبي، في إشارة إلى أن حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة المعترف بها دوليا. مضيفا أن أي تغيير سياسي في ليبيا يجب أن يكون عبر الوسائل الديمقراطية وليست العسكرية.
وفي حين وصف متحدث باسم المفوضية الأوروبية قرار حفتر إيقاف العمل باتفاق الصخيرات بأنه تصرف أحادي الجانب وغير مقبول، ندد البرلمان الأوروبي بإعلان حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات.
وبينما قالت إيطاليا إنها تدعم الشرعية المعترف بها دوليا، وإن أي قرار يخص مستقبل ليبيا يجب أن يتخذ بشكل توافقي، أكدت فرنسا أن الصراع في ليبيا لا يمكن حله من خلال قرارات منفردة بل عبر حوار تدعمه الأمم المتحدة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن بلاده لا تدعم تصريحات حفتر التي قال فيها إنه هو وحده من سيقرر كيف سيعيش الليبيون، كما لم تدعم موسكو سابقا رفض رئيس السراج الحوار مع حفتر.
الحزب الحاكم في تركيا خرج بدوره عن صمته وقال إن اللواء الليبي المتقاعد سعى للقيام بمحاولة انقلابية، مؤكدا أن بلاده مستمرة في دعم الحكومة الشرعية في ليبيا، وهي حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أكد تمسُك بلاده بالحل السياسي وبمبدأ البحث عن تسوية سياسية للصراع في ليبيا رغم وجود خلافات بين الأطراف الليبية حول كيفية تنفيذ ذلك، فيما لم يخرج المغرب بموقف يدين قرار حفتر.

قرار حفتر استفزاز تكتيكي لخصومه بالوكالة

 قال المحلل المتخصص في الدراسات السياسية والاستراتيجية والباحث في العلاقات الدولية كريم عايش في تصريح لـ “فبراير”، إن “إعلان المشير خليفة حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات، خطوة كانت متوقعة لأنه وإن عرف قبولا مبدئيا من الطرفين على مضد في المدينة المغربية، فإن أطرافا داخلية وخارجية سعت في الخفاء إلى إسقاط الاتفاق والقفز على المبادرة المغربية، وقد كان الاتفاق ربما سعي من حكومة الوفاق لإقرار الشرعية والعمل على أن يتم التوجه الى حكومة مدنية وبالتالي إقرار الديمقراطية وبناء مؤسسات وطنية والحفاظ على وحدة ليبيا، غير ان ما حدث على الأرض كان معاكسا تماما لهذا المجهود الدولي وهذه الأهداف التي من شأنها إطفاء نيران صراعات متعددة ودرء أخطار لا تعد ولا تحصى في بلد منهار تماما ومفتوح على كل الاحتمالات”.
وتابع عايش “داخليا تحولت ليبيا إلى مختبر لكل انواع الجماعات المسلحة والتي وجدت في الأسلحة التي كدسها العقيد معمر القذافي كنز علي بابا لما حوته من عتاد ثقيل وذخيرة حية وكذا صواريخ ونفط، فصار سلعة تتاجر بها الجماعات عبر شبكات الإرهاب العابر للحدود بدول الساحل والصحراء حتى صارت أكبر ممول لأسلحة القاعدة والجماعات التي أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، وهي أوضاع استفاد منها المشير خليفة حفتر لاكتساب شرعية مزعومة مدعمة من الأنظمة الخليجية ومصر، بسبب اعتباره السد المنيع الدي سيحول دون انتقال ترسانة القذافي إلى تنظيمات تنشط في سيناء، شمال تشاد، تنظيمات الصومال الإرهابية والحوثيين باليمن”.
واسترسل “ومن هنا نستشف أن حفتر سيكون المرشح الجيد لاستمرار الحكم العسكري من الجزائر إلى مصر، أضف إلى ذلك سلوك المشير حفتر لنفس مثيله المصري في الإعلان عن حصوله على تفويض من الشعب، تفويض بدون مصادر ديمقراطية أو دستورية، أو استفتاء شعبي وفق ما هو متعارف عليه، ومرد ذلك حسب الكثير من المحللين الجيوستراتيجيين إلى الهزائم المتكررة التي مني بها حفتر في محاولاته وهجماته للاستيلاء على طرابلس و كذا التقدم الذي أحرزته قوات حكومة السراج”.
غير أنه يمكننا أن نضيف -حسب عايش- انها تصعيد واستفزاز تكتيكي ورسالة موجهة لخصومه بالوكالة أي إلى تركيا والمنتظم الدولي ويمكن التخمين أن هذا الإعلان جاء نتيجة توفر المشير خليفة حفتر على ضمانات ودعم تام وليس بعيدا أن يتوفر على امدادات قادمة من مدعميه كروسيا والامارات ومصر لدك قلاع السراج وسحق القوات التركية وهي مسألة واردة جدا في ظل الثقة الكبيرة التي أبداها في إعلان نفسه رئيس ليبيا أو بصيغة أخرى قذافي ليبيا الجديد”.
وأضاف عايش أن “ليبيا في طبيعتها مختلفة تماما عن سوريا، أولا بسبب بعدها عن الشرق الأوسط أي التهديد المباشر لأمن إسرائيل ولكونها في مرمى طائرات الناتو وبوارجه الحربية، وقد يستدعي ذلك تدخله كسيناريو أول وضرب مراكزه الحيوية وهنا سيصعب على روسيا  والإمارات ومصر بناء حلف يوازي حلف شمال الأطلسي بسبب تعارض السياسة الروسية والسعودية الحليفة الأولى للإمارات وهو ما سيدفع بروسيا إلى واجهة الأحداث كفرضية وبالتالي شبح حرب ستستدعي تدخل مجلس الامن الدولي والذي سيكون عليه فرض عقوبات أولا ثم التدخل عسكريا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي لها أجندة تاريخية بالمنطقة وستعمل على عزل روسيا بالمنطقة إذا ما تخلت مصر  والإمارات عن دعم حفتر وفاءا للعم سام”.
أما السيناريو الثاني يضيف المحلل كريم عايش، “هو ترك الليبيين لمصيرهم بدفع حفتر لتقسيم ليبيا وإعلان قيام جمهورية ليبيا الشرقية والتي ستحرز اعترافات محدودة طالما لن يكون سهلا القضاء على السراج وحليفه التركي والذي بسبب إطالة أمد الحرب قد يغلق البحر المتوسط ويحوله إلى لهيب من الأسلحة والصراعات والقرصنة، وهو إلى حد ما تقسيم سيمكن كل طرف من الاحتفاظ بالسلطة وبعض البترول، طالما لم ينفع معهم اتفاق الصخيرات أو المبادرة الفرنسية، الجزائرية ولا مقترحات الأمم المتحدة”.

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة