الحديث مع الخبير والمحلل الإقتصادي عمر الكتاني ذو شجون. عرجنا في حوارنا معه على موقعكم « فبراير » على أكثر من محور إقتصادي سياسي، لكن كان للعلاقات المغربية الفرنسية نصيب أوفر، لاسيما بعد أن طفت على الواجهة السياسية في الآونة الأخيرة أكثر من أزمة.
قال المحلل الإقتصادي عمر الكتاني بهذا الصدد حرفيا لـ »فبراير »: « فرنسا لم تتخلى لحد الآن عن مصالحها في المغرب، والمغرب بدوره لن يتنازل عن مصالحه مع فرنسا، لكن « الصداقة » التي كانت بين المغرب وفرنسا، والتي لابد أن نضعها بين قوسين، والامتيازلات التي منحها المغرب سابقا لفرنسا، يفترض أن لا يستمر نزيفها إلى الآن.
المفروض أن لا تبقى الأمور على ما هي عليه. المغرب عقد مع فرنسا صفقة « التيجيفي » وصفقة « الترامواي » بكلفة مالية باهضة، ومنح المغرب امتيازات مهمة لفرنسا في عقود تسيير الماء والكهرباء في أكثر من مدينة، ويمكن أن نضيف إليها صفقات أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر شركة « لافارج » وهي شركة فرنسية تحتكر صناعة الإسمنت في المغرب وترفع من سعره، الشيء الذي ينعكس على كلفة البناء، أضف إلى ذلك تواجد شركة فرنسية توزع المواد الغذائية، مع العلم أن هذا يدخل ضمن القطاعات الحساسة والمرتبطة بالمستهلك.. إذا نحن أمام امتيازات فرنسية كبيرة، ولن تسمح فيها فرنسا، ويمكن للمغرب بناء على هذا الخلاف أن يوقف مسلسل الامتيازات اللامنطقية… »
ولأننا عرجنا أكثر من محور متشعب في حوار « فبراير »، فقد عبر المحلل الإقتصادي عمر الكتاني عن قلقه بشأن أخطار الكوارث التي يتوقع خبراء أن تمس المغرب، قبل أن يصل بتحليله إلى نقاط أخرى تشكلل تهديدا حقيقيا للمغرب وفي مقدمته الجفاف والتصحر وأزمة الطاقة، بحيث قال بالحرف بهذا الصدد:
« ثمة أشخاص يتوقعون كوارث في العالم في السنوات المقبلة وهي التي يمكن أن تمس إفريقيا أو نحن والدول التي تحترم نفسها تأخد الكوارث بطريقة عقلانية.
كان من المفترض أن تكون لجان من المختصين في عدة نواحي متعلقة بالإقتصاد والعمران والفلاحة ليخبرونا ما هي الأخطار المحتملة المحدقة بالمغرب خلال العشر سنوات المقبلة؟ ولعل من بين الأخطار التي تحدق بنا المديونية التي تتصاعد في الآونة الأخيرة، ثم ثمة الجفاف ولاقدر الله قد يتكرر هذه السنة. ويشغلني موضوع الطاقة لأنهم يتحدثون عن اكتشافات، لكن حينما ندقق في العقود التي أنجزت مع المكتشفين، ألاحظ أنها ليست عقود طويلة الأمد، وتعطي نسبة كبيرة من الامتيازات للمكتشفين على حساب صاحب الملك.
ولنعد مثلا إلى الاتفاقية التي أبرمت مع الكيان الصهيوني في التنقيب على البترول، بحيث سيحصل على 73 في المائة من النتائج فيما لن يتبق للمغرب سوى 23 في المائة، فما هذا الاتفاق؟! وستستفيد الانجليز إذا لم تخني الذاكرة من 63 في المائة والبقية للمغرب، إذا لماذا لم نحصل على الأقل على خمسون في المائة من هذا النوع من الصفقات، فما فائدة الاكتشاف؟ وما معناه إذا كان المكتشف سيستفيد من الثلثين وصاحب الملك سيحصل على أقل من خمسين في المائة؟! »
وأضاف محاورنا المحلل عمر الكتاني بالحرف: » إننا نعاني من مشكل التصحر، بحكم أن الرياح التي تصعد من جنوب المغرب، تضيع كل سنة ثلاث كلمترات من مساحة المساحات المزروعة، فهل طورنا تكنولوجيا تحلية الماء؟ وهل نخطط لتطويرها؟ بمعنى علينا أن نمتلك ليس تحلية البحر فحسب، بل أن نمتلك خبرة وتقنية التحلية، عوض الإكتفاء باقتناء آلات من دول أخرى.
إن ثمة الكثير من التحديات التي نواجهها، والدول المنفتحة معرضة للمنافسة، وثمة إكراهات تفرضها علاقتنا بأوروبا وأمريكا. وهنا حذر المحلل الإقتصادي عمر الكتاني من الصداقات غير متكافئة. وقال بالحرف: » على مستوى المنطقة التحديات والعلاقة مع أوروبا وامريكا تفرض نفسها، ودعوني أشير هنا إلى العلاقة بين دافييد وكولياك.. إننا أمام صداقة غير متكافئة، معناه أن المغرب يتنازل على بعض الأشياء ليحصل على أخرى.. إذا لابد من الأخذ بعين الاعتبار المحاذير الواجبة من المخاطر المستقبلية. وبالتالي مع من سنتحالف بما أننا فشلنا مع العالم العربي؟ وهنا يضيف المفكر والمحلل الإقتصادي عمر الكتاني: » أعتقد أن إفريقيا تفتح لنا ذراعيها كمجال مستقبلي هائل بالنسبة للمغرب. وإذا لم ترفع هذه التحديات، ستتحول إلى مخاطر.. وكما تعلمون الدول الغربية تخطط لعشرين سنة، وتخطط عشرين عام للدول التابعة لها.. ولهذا أعتقد أنه آن الأوان لكي نضع حدا للفرنكفونية، لأنها ليست للغة أجنبية.. إننا أمام فكر استعماري سابق، لذلك من الإيجابيات وضع حد لهذا المنطق.. وأخاف أن يأتي نتصالح فيه مع فرنسا وتعود حليمة لعادتها القديمة، وتتغير ونعطل الحديث عن الانجليزية »
