عاد رجل الأعمال عمر اللوزي، في إطار سلسلة حلقات مع “فبراير”، لتركيب مشهد جمع بين الشموخ والكرم، الطيبة والتعفف، حيث أبهرت راعية غنم اللوزي ورفقته ذات خلوة روحية بدوار “ويركان” في الأطلس الكبير.
حكى عمر اللوزي عن السيدة عائشة والدموع تغالبه، قائلا: “قبل حوالي سنة كنت رفقة مجموعة من السائحات في خلوة روحية بإحدى المناطق الجبلية، في منطقة ويركان، قبل أن نلتقي بالسيدة عائشة في أخر اليوم وهي ترعى الغنم.
وأضاف المتحدث ذاته، بأن السيدة عائشة، دعت السائحات الأجنبيات إلى شرب كاس شاي بصحبتها، حيث قدمت لهم كل ما يتوفر ببيتها من مأكولات (أركان، أملو، الزيت، العسل، الكركاع..)، مشيرا إلى أن هذه المأكولات يتم تخزينها إلى وقت الحاجة “هي وماتاكلش داكشي لي حطات”.
وبعد هذه العزومة التي تبادلت فيها السيدات أطراف الحديث ولعب فيها عمر اللوزي دور المترجم، قال بأن الفتيات أعجبن بالسيدة عائشة، وقررنا أن يمنحنها مبلغا ماليا قدره 2000 درهم، وهو الأمر الذي رفضته للا عائشة رفضا قاطعا.
وقالت: قد أكون فقيرة بالنسبة لكم ولكني لست متسولة… هنا غالبت الدموع رجال الأعمال، قبل أن يكمل حديثه قائلا: رفيقاتي لم يستوعبن الأمر، لتلتفت السيدة عائشة بعد ذلك، إلى عنزاتها وهي تنادي كبيرة القطيع، وتسمى تاسكورت التي قدمت رفقة الباقي، وأدخلتهم السيدة إلى المنزل وأقفلت الباب.
وأضاف قائلا، بان الفتيات عجزن عن الكلام أمام كرم وكرامة هذه المرأة العجوز، وفي طريق العودة خيم صمت رهباني على المجموعة، مشيرا إلى أنه بعد الوصول قرر أن يشرح للسائحات سبب رد فعل السيدة عائشة، موضحا لهم عقلية الأمازيغ وميلهم الفطري للكرم والتقاسم، ولذا تعد الرغبة في رد الكرم إهانة لهم.
وبعد وقوع الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، تلقى السيد عمر اتصالا من إحدى الفتيات اللاتي شاركن في خلوة ويركان، وهي مديرة تنفيذية كبيرة في إحدى الشركات المتعددة الجنسيات للحصول على أخبار من لالة عائشة بعد الزلزال.
واسترسل في القول، “قررت أن أذهب بعد ذلك الاتصال، إلى ويركان لأرى ما إذا كانت لا تزال على قيد الحياة، وصلت إلى ويركان، وبحثت عن الطريق بصعوبة، وفجأة ظهرت تلة لالة عائشة الصغيرة، لكن ليس المنزل، بدأ قلبي ينبض بشدة وأنا اتفحص المكان وقلت لنفسي، إنها بالتأكيد ماتت، اقتربت مرة أخرى، ولم يعد هناك أدنى شك، البيت مدمر تماما، والماعز ما زال هناك مدفونا تحت الركام.
وأضاف: “أفلتت دمعتي وجلست على صخرة صغيرة أتأمل وأدعو لهذا الملاك الأرضي: لالة عائشة، بقيت دقائق معدودة وعيني مغمضة، وفجأة شعرت بأحد يربت على كتفي الأيسر، فتحت عيني، إنه رجل في عمر معين، “أنت بالتأكيد لست من قريتنا… هل يمكنني مساعدتك؟” تحدث معي بالدارجة، أجبته بالامازيغية “جئت لأرى ماذا حدث للالة عائشة؟” ليجيب: “لقد دمر منزلها وهلكت مواشيها الصغيرة… لكن للا عائشة على قيد الحياة”
ثم أضاف :”في المساء الذي حدث فيه الزلزال… كانت في بيت ابنتها في أسفل القرية والبيت هناك صامد، وعندما أخبرت جميع الفتيات اللاتي استقبلتهن لالة عائشة في منزلها بالكثير من الحنان والكرم بمصيرها، قررن بالإجماع أن نقوم معًا بتمويل إعادة الإعمار لمنزلها وشراء مواشي جديدة.
وخلال حديثه معنا، قال اللوزي بان زيت الزيتون في الحوز، معروفة على المستوى الوطني والعالمي، مشيرا إلى أن مذاق زيت الحوز، مخالف لباقي المناطق في المغرب.
