يحتفظ سكان مناطق مختلفة من المغرب بطقس شعبي قديم يتكرر سنوياً في اليوم الثاني من عيد الأضحى، يعرف بـ”كرنفال بوجلود” أو “بولبطاين” أو غيرها من الأسماء المتنوعة باختلاف المناطق واللهجات.
يشهد هذا الطقس ارتداء الشباب جلود الأضاحي في احتفالية تضفي البهجة والمرح على الشوارع والأحياء.
جلود الأضاحي وإحياء التراث الشعبي
في هذا الطقس، يجمع الشباب جلود الأضاحي التي تم نحرها صبيحة العيد، ويقومون بتنظيفها وتجهيزها، ثم يرتدونها مع وضع قرونها على رؤوسهم، محاولين التشبه بالأضاحي.
يطوفون في الأزقة والشوارع المكتظة بالناس، ويرقصون على إيقاع الطبول في مشهد كرنفالي مبهج، يجذب الأطفال واليافعين الذين يتبعونهم في جو احتفالي.
يجمع الشباب الذين يشاركون في هذه الاحتفالات تبرعات من الأهالي، تشمل نقوداً وبيضاً وسمنًا ولحوم الأضاحي، ويستخدمونها في أهداف مختلفة. وتستمر هذه الطقوس في بعض المناطق لمدة تصل إلى أسبوع كامل، مما يعزز من الروح الاجتماعية والتراثية بين السكان.
الأصول التاريخية والأساطير المحيطة بـ”بوجلود”
تاريخياً، يُرجع بعض المؤرخين أصول هذا الطقس إلى ما قبل دخول الإسلام إلى المغرب، حيث كان يرتبط بتقديس الحيوان في العصور القديمة. بينما تذهب أبحاث أخرى إلى أنه يعود إلى أسطورة قديمة حول وحش كان يزرع الرعب في نفوس سكان البوادي.
وهناك من يعزو هذا التقليد إلى زمن “السيبة” في القرن التاسع عشر، حين كان اللصوص يرتدون جلود الماشية لإخفاء هويتهم أثناء غاراتهم.
تختلف تسمية هذا الطقس باختلاف المناطق، فيُعرف في الشمال بـ”بولبطاين”، وفي منطقة دكالة والشاوية بـ”هرمة بولحلايس”، وعلى ساحل الأطلسي يُسمى “ميمون” أو “أمعشار”، وفي غرب البلاد يُعرف بـ”بوهو”، وفي شرقها بـ”سونة”.
وعلى الرغم من هذه التسميات المتعددة، فإن الهدف واحد، وهو إحياء تراث شعبي قديم وإضفاء أجواء من المرح والبهجة بين السكان.
التحولات السلبية لهذه الإحتفالات
غير أن هذا الطقس الشعبي الذي كان يعتبر وسيلة للتسلية والترفيه وجمع التبرعات لأهداف خيرية، خرج عن أهدافه الأساسية في السنوات الأخيرة.
فقد بات البعض يستخدمه كوسيلة للتحايل والنصب على الناس، من خلال ملاحقة المارة وإرغامهم على إعطاء المال تحت تهديد الضرب بحوافر الأضاحي.
كما شهد الطقس تطورات سلبية مثل تعاطي المخدرات والتحرش بالفتيات، مما أفسد فرحة العيد وأساء إلى التراث المحلي.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذه السلوكيات تتنافى مع القيم الأخلاقية للمجتمع المغربي، لا تزال مناطق عدة تحافظ على خصوصية هذا الطقس بطرق تحفظ للتراث الشعبي رونقه وجماله.