أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المواطنين المغاربة الذين وقعوا ضحية الاتجار في البشر لم يكونوا متواجدين على الأراضي التايلاندية، بل في مناطق تحت هيمنة مجموعات إثنية مسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية بميانمار وبعض دول جنوب شرق آسيا، مثل كمبوديا ولاوس.
وفي رد على سؤال كتابي لرئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، أشار بوريطة إلى أن هؤلاء الشباب وقعوا ضحية لشبكات إجرامية نشطة في مجال النصب والاحتيال الرقمي والجرائم المالية السيبرانية. تم استدراجهم من خلال عروض عمل وهمية بأجور مغرية، مما أدى بهم إلى الاحتجاز والاستغلال، وأحياناً التعذيب في حال رفضهم الامتثال للأوامر والتعليمات الرامية إلى تضليل ضحايا النصب والاحتيال.
وكشف الوزير أن الوزارة تلقت شكايات من الضحايا، بالتوازي مع المساعي التي بذلتها سفارة المملكة في تايلاند، حيث تمكنت من حصر عدد الشباب الذين وقعوا في هذا الفخ في 34 شخصاً، موزعين كالتالي: 24 في ميانمار، و5 في لاوس، و5 في كمبوديا.
وأوضح بوريطة أن سفارة المملكة المغربية في تايلاند قامت بمساعٍ حثيثة لدى السلطات المعنية في كل من تايلاند وكمبوديا ولاوس وميانمار، لإبلاغها بالوضع وإشعارها بتواجد مواطنين مغاربة ضحايا الاتجار بالبشر. وقد دعت السفارة السلطات إلى التدخل بكافة السبل القانونية المتاحة لتحرير المواطنين المحتجزين.
كما أشار بوريطة إلى أن السفير المغربي في تايلاند ربط عدة اتصالات مع السلطات المختصة وممثلي المجتمع المدني والمنظمة الدولية للهجرة، سعياً لخلق سبل لتحرير المواطنين المغاربة الذين أُجبروا على العمل في شركات وهمية. وأكد الوزير أن أعضاء السفارة انتقلوا أيضاً إلى كمبوديا ولاوس للتدخل لدى السلطات المختصة، بهدف تسهيل عودة المغاربة إلى وطنهم في أحسن الظروف.
وفي سياق متصل، ذكر بوريطة أن المغرب عمل على تعبئة جهود بعض الدول الإفريقية التي تعاني بدورها من نفس الإشكالية. وذلك من أجل بلورة مقاربة جماعية ناجعة للتواصل مع السلطات المعنية والتعاون معها في مواجهة هذه الآفة التي تهدد المواطنين الأفارقة وغيرهم من بعض الدول. وتم الاتفاق مع هذه السفارات على إشراك منظمات المجتمع المدني الناشطة في الميدان للعمل على إخلاء سبيل المواطنين الأفارقة ضحايا الاتجار بالبشر.
وشدد بوريطة على أن جهود كافة السلطات الوطنية وتعبئة عائلات الضحايا أدت إلى تحرير المواطنين المغاربة الأربعة والثلاثين من قبضة الشبكات الإجرامية. وقد استفاد هؤلاء من المساعدة اللازمة فيما يتعلق بالعبور والإقامة والإجراءات الإدارية الضرورية.
وأوضح الوزير أن الوزارة تكفلت بمصاريف تذاكر الطيران لـ26 مواطناً من أجل تأمين عودتهم إلى أرض الوطن، كما تم التكفل في بعض الحالات بنفقات الإيواء في الفنادق حتى استكمال إجراءات العودة.
وأفاد بوريطة أن الوزارة، بالتنسيق مع سفارة المملكة في تايلاند، قدمت المساعدة اللازمة، سواء كانت مادية أو إدارية، لتسهيل عودة خمسة مواطنين آخرين كانوا محتجزين في كمبوديا، مما رفع العدد الإجمالي إلى 39 مواطناً مغربياً.
وفي ختام كلمته، نبه بوريطة إلى أن الأرقام التي تداولتها بعض المواقع الاجتماعية حول عدد المحتجزين، والتي تقدر بين 100 و400 شخص، تفتقر إلى أي سند توثيقي بأسماء المعنيين. وأكد أن هذه الأرقام لم يتم تأكيدها على الإطلاق، مما يعكس ضرورة الدقة والموضوعية في تناول مثل هذه القضايا الحساسة.
