الرئيسية / حوارات / الزليج المغربي: تراث ثقافي عريق ومحور منازعة حضارية

الزليج المغربي: تراث ثقافي عريق ومحور منازعة حضارية

العنزي
حوارات
فبراير.كوم 31 مارس 2025 - 18:00
A+ / A-

في خضم الجدل الثقافي والتاريخي المتصاعد بين المغرب والجزائر، يبرز الزليج المغربي كأحد أبرز العناصر التراثية التي تشكل جوهر النزاع على الهوية الثقافية في المنطقة المغاربية.

وفقاً للباحث في الثقافة المغربية سعيد العنزي، فإن هذا النزاع يتجاوز مجرد الخلافات السياسية ليصل إلى أعماق الذاكرة الجماعية والتراث الثقافي.

يؤكد العنزي أن الزليج المغربي، بألوانه الزاهية وتصاميمه الهندسية المعقدة، يعد شاهداً على عمق التاريخ المغربي الذي يمتد لقرون طويلة. فالزليج يزين قصور السعديين في مراكش والمدارس المرينية والمارستانات (المستشفيات التقليدية) في مختلف أنحاء المملكة المغربية، مما يشكل دليلاً مادياً على أصالة وعراقة هذا الفن المعماري.

ويشير العنزي إلى أن المغرب يستند في مطالبته بأصالة الزليج إلى سجل تاريخي متواصل يمتد من عهد المرابطين مروراً بالموحدين والمرينيين والوطاسيين والسعديين وصولاً إلى العصر العلوي. هذا التواصل التاريخي يتجلى في آلاف القصور والقصبات المنتشرة في ربوع المغرب، والتي تحمل بصمات فنية وهندسية متميزة.

وفي المقابل، يرى العنزي أن الجزائر، التي كانت تحت الحكم العثماني لما يقرب من خمسة قرون، تفتقر إلى هذا التواصل التاريخي الحضاري. ويعتبر أن الدولة الجزائرية بشكلها المعاصر لم تتشكل إلا في العصر الحديث، مما يجعل مطالبتها بأصالة فنون مثل الزليج محل نقاش علمي وتاريخي.

ويلفت العنزي النظر إلى أن المنازعة لا تقتصر على الزليج فحسب، بل تشمل مجموعة واسعة من العناصر الثقافية المغربية مثل الشربيل (نوع من الأحذية التقليدية)، والكسكس، والطاجين، والمدفونة، والفنون الموسيقية كالملحون والأندلسي والغرناطي.

ويرى العنزي أن المغرب قد أحسن اختيار الزليج كعنصر للتسويق الثقافي في بطولة كأس أمم أفريقيا 2025، مشيراً إلى أن شعوب جنوب الصحراء الأفريقية تعي جيداً عمق وأصالة التراث المغربي الذي امتد تأثيره عبر التاريخ إلى مناطق واسعة من القارة الأفريقية.

ويختتم العنزي بالقول إن هذه المنازعة الثقافية تعكس في جوهرها صراعاً على الشرعية الرمزية والهوية الحضارية، مشدداً على ضرورة توثيق وحماية التراث الثقافي المغربي والعمل على تسجيله عالمياً في منظمة اليونسكو لحماية تراث الإنسانية.

في النهاية، يبقى الزليج المغربي، بألوانه وتصاميمه وتقنياته المتوارثة، شاهداً حياً على إبداع الحضارة المغربية وإسهامها في التراث الإنساني العالمي، وعنصراً محورياً في النقاش الثقافي والتاريخي في منطقة المغرب العربي.

حصاد فبراير