في خطوة فجّرت موجة من الجدل السياسي والقضائي، صدر حكم عن محكمة الجنح في باريس يقضي بمنع زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2027، بعد إدانتها باختلاس أموال عامة.
الحكم الذي وُصف بأنه ضربة موجعة لطموحات لوبن الرئاسية، تضمن عقوبة بالسجن أربع سنوات، منها سنتان نافذتان تقضي خلالهما عقوبتها تحت المراقبة بواسطة سوار إلكتروني، إضافة إلى غرامة مالية تبلغ 100 ألف يورو.
في المقابل، شنت لوبن، البالغة من العمر 56 عاماً، هجوماً عنيفاً ضد القرار، معتبرة أنه سياسي بامتياز. وقالت أمام نواب حزبها “النظام أخرج القنبلة النووية… استخدموا سلاحاً قوياً لأننا على وشك الفوز بالانتخابات”. وأكدت أنها ستستأنف الحكم في أقرب الآجال.
الاتهامات التي أدينت بها لوبن تعود إلى فترة ما بين 2004 و2016، حيث كشفت التحقيقات عن نظام معقد مكن حزبها السابق “الجبهة الوطنية”، الذي أصبح يُعرف بـ“التجمع الوطني”، من توظيف مساعدي نواب في البرلمان الأوروبي كانوا في الواقع يعملون لحساب الحزب، وتم تمويلهم من ميزانية البرلمان.
من جهته، دافع أحد أبرز القضاة الفرنسيين عن الحكم، مؤكداً أنه “قضائي وليس سياسياً”، وموضحاً أن القرار صيغ من قبل ثلاثة قضاة مستقلين ومحايدين.
الردود لم تتأخر، إذ أعلن رئيس حزب “التجمع الوطني” جوردان بارديلا عن حملة تعبئة تشمل توزيع مناشير وتنظيم تجمعات سلمية. وقال إن “كل الوسائل تُستخدم لمنعنا من الوصول إلى السلطة”، مندداً بما أسماه “استبداد القضاة”.
الحكم أثار أيضاً ردود فعل واسعة من خارج فرنسا، إذ ساند الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لوبن، معتبراً أن منعها من الترشح رغم تقدمها في استطلاعات الرأي “قصة كبيرة”. كما أبدى الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو والكرملين دعمهم لها، بينما اعتبرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن القرار يحرم “الملايين من المواطنين ممن تمثلهم لوبن”.
ورغم الانقسام داخل الطبقة السياسية الفرنسية، حيث ندد بعض الساسة من اليمين واليسار بالحكم، دعا الاشتراكيون إلى احترام قرارات القضاء، مؤكدين على ضرورة حماية المؤسسات الديمقراطية.
يُشار إلى أن الحكم شمل أيضاً 23 شخصاً آخرين، من بينهم كوادر داخل الحزب، فيما بلغت القيمة الإجمالية للأموال المختلسة 4,4 ملايين يورو، استُرجع منها حتى الآن حوالي 1,1 مليون يورو.
مارين لوبن، التي استقطبت نحو 8 ملايين مشاهد خلال مقابلتها الأخيرة على قناة “تي إف 1″، أكدت تمسكها بخوض المعركة القانونية حتى النهاية، وقالت: “لن أسمح بأن يُقضى علي بهذه الطريقة”.